ولقد قالوها ولكنهم قد انفضحوا في افترائهم. قالوها لكنهم متعنتين في كذبهم وقولهم. والسياق هنا يصوغ هذا القول في صيغة المستنكر. لان يقال هذا القول أصلا : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ). هذه القولة التي لا ينبغي أن تقال. فتاريخ محمد ص وآله فيهم ينفي صحة هذا القول لانه (الصادق الامين) عندهم. (بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) الحق بما في طبيعته من صدق ومطابقته للفطرة من الحق الازلي. وما في طبيعة الكون كله. من هذا الحق الثابت المستقر في كيانه. الملحوظ في تناسقه. واطراد نظامه. وعدم تصادم اجزائه. (الحق) بما يحققه من اتصال بين البشر الذين يرتضونه منهجا وهذا الكون الذي يعيشون فيه ونواميسه الكلية. (الحق) الذي تستجيب له الفطرة حين يلسها ايقاعه في يسر وسهولة. (الحق) الذي لا يظلم احدا ولا يرضى بظلم أحد. وهو منهاج الحياة البشرية كاملا. (بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) فما هو من عندك. انما هو من عند ربك. وهو رب العالمين. كما قال فيما سبق (لتنذر قوما ما آتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون) هم قومك العرب الذين أرسلك الله اليهم.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما ..) ذلك هو الله ، وهذه هي آثار ألوهيته ودلالاته. هذه هي في صفحة الكون المنظور. والتي في ضمير كل حي. وفي احساس كل حساس في تدبير كل عقل سليم. وفي نشأة الانسان وأطواره. الذي يعرفها الانسان. والتي يطلع عليها الناس.
والسماوات والارض وما بينهما هي هذه الخلائق الهائلة. التي نعلم عنها القليل. ونجهل منها الكثير. هي هذا الملكوت الضخم المترامي الاطراف. الذي يقف امامه العالم الكبير في القرن العشرين