مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً (٢٥) وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَباراً (٢٨))
البيان : (وَمَكَرُوا مَكْراً) اي متناهيا في الكبر والابطال لاتباع الحق. واغلاق الطريق في وجه الذين يريدون الحق. ومكروا في تزيين الكفر والضلال. ومن جملة مكرهم تحريض الناس على الاستمساك بعبادة الاصنام. (وَقالُوا : لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ) التي تعبد في الجاهلية. (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) ككل قيادة ضالة تجمع الناس حول الاصنام لغاياتها الخاصة (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً) ذلك الدعاء المنبعث من قلب جاهد متألم على قومه.
(أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً) والتعقيب بالفاء مقصود هنا. وهذا ما يقتضيه العطف بالفاء للفور. فالترتيب لفور حاصل بين الاغراق ودخول النار (وهي نار البرزخ ـ وجنة البرزخ).
(قالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) فقد الهم قلب نوح (ع) بهذا الدعاء (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ) وعبادك بمعنى مخلوقاتك. والا فهم يعبدون الشيطان.
(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ) وهو الادب النبوي في حضرة الخالق العظيم ودعاؤه لوالديه هو برّ لهما وشفقة بالمؤمنين. (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) وهذا علامة الايمان الصحيح الحب لاؤلياء الله والدعاء لهم. والبغض لاعداء الله والدعاء عليهم بالدمار. بعد ان استمر في دعوتهم للهدى الف سنة الا خمسين عاما. وقد قطع الامل من هدايتهم.