خمسين عاما. وعدد المستجيبين له لا يكاد يزيد. ودرجة الاعراض والاهراء ترتفع وتزداد. ثم عاد في نهاية المطاف يقدم حسابه لربه الذي كلفه هذا لواجب النبيل. وحمله ذلك العبىء الثقيل.
(قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً) هذا ما صنع نوح وهذا ما قال وهو يعرضه على ربه وهو يقدم حسابه الاخر في نهاية الامد الطويل.
(وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) وهي صورة تكشف عن عنادهم الشديد والتعبير يرسم بكلماته صورة العناد الكامل. وفي اثناء ذلك اطمعهم في ملذات الدنيا.
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ) وقد ربط بين الاستغفار وهذه الارزاق. وفي القرآن مواضع متكررة فيها هذا الارتباط بين صلاح القلوب واستقامتها على الهدى. وبين تيسير الارزاق وعموم الرخاء.
(ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) الاطوار التي يخاطب بها قوم نوح هي تنقلات النطفة في رحم المرأة عند الحمل. وهذا احد مدلولات الاية.
(قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي) فقد عصوه بعد كل هذا الجهاد. وبعد كل هذا العناء. هؤلاء القادة لم يكتفوا بالضلال والتضليل (وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) مكرا متناهيا في الكبر.
(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (١٦) وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً (١٨) وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً (٢٠) قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤)