البيان : قد روى الخاص والعام ان الايات من هذه السورة وهي قوله تعالى : (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ) الى قوله (وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) نزلت في حق علي وفاطمة والحسن والحسين (ع) وجارتهم فضّة). وهو المروي عن ابن عباس ومجاهد. وابي صالح وهو الحق.
روى انه قد مرض الحسن والحسين (ع) فعادهما جدّهما ص وآله ووجوه العرب. وقالوا يا ابا الحسن لو نذرت عن ولديك نذرا. فنذر هو صوم ثلاثة ايام ان عافاهما الله تعالى. ونذرت فاطمة (ع) كذلك وكذلك فضة. فبرئا وليس عندهم شيء. فاستقرض علي ثلاثة اصوع من شعير وجاء بها الى فاطمة (ع) فطحنت صاعا منها فاختبزته وصلى علي المغرب وقربته اليهم فأتاهم مسكين يدعو لهم وسألهم فأعطوه ولم يذوقوا الا الماء فلما كان اليوم الثاني اختبزت الصاع الثاني وقدمته اليهم فاذا يتيم في الباب يستطعم فأعطوه. ولم يذوقوا الا الماء. فلما كان اليوم الثالث اختبزت الباقي وقدمته اليهم. فاذا أسير بالباب يستطعم فاعطوه. ولم يذوقوا الا الماء. فلما كان اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم اتى علي (ع) ومعه الحسن والحسين (ع) الى النبي ص وآله وبهما الضعف. فبكى رسول الله ص وآله. ونزل جبرائيل (ع) بسورة هل أتي وهذا هو الحق
(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) هذا الاستفهام في مطلع السورة انما هو للتقرير. كأنما ليسأل الانسان نفسه. الا يعرف انه كان معدوما قبل زمان (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) ثم ألا يتدبّر هذه الحقيقة ويتملاها. ثم الا يفعل تدبرها في نفسه ويشعر باليد التي دفعته الى مسرح هذه الحياة. وجعلته شيئا مذكورا بعد العدم. انها ايحاءات كثيرة تنبض من وراء صيغة الاستفهام في هذا المقام. وهي ايحاءات رقيقة عميقة. تثير النفس وتدعوها الى التأمل.