وذلك لبناء العقيدة في نفوسهم على اصولها. ومنها ينشأ تصحيح موازين القيم في حياتهم جميعا.
فالاعتقاد باليوم الآخر هو حجر الاساس في العقيدة السماوية. كما انه حجر الاساس في تصور الحياة الانسانية. واليه مرد كل شيء في هذه الحياة. واليه يرجع تصحيح الموازين والقيم في كل شأن من شؤونها جميعا. ومن ثم اقتضت هذا الجهد الطويل الثابت لتقريرها في القلوب والعقول. والله سبحانه يقسم في مطلع هذه السورة ان هذا الوعد بالآخرة واقع (والمرسلات عرفا) قيل انها الملائكة المرسلة ارسالا كأنها عرف الفرس. وقيل انها الريح المرسلة متوالية كعرف الفرس في امتدادها. وكذلك العاصفات والناشرات.
(فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ..) طمس النجوم هو ذهاب نورها. وتفرج السماء : انشقاقها. ونسف الجبال زوالها. وكلها توحي بانقراظ عقد هذا الكون. عند ارادة خالقه لذلك. والهول الذي ينشأ من تفجر هذا الكون وتناثره على هذا النحو هو اكبر من التصور البشري.
(وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ ..) اي جمعت لوقتها لتشهد على أممها. وذلك يوم الفصل.
(فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) وهذا الانذار من العزيز الجبار. في مواجهة الهول الشديد. في مجلس الفصل وحضور الرسل والمنذرين وهذا الحضور في هذا اليوم له هوله الشديد.
(أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (٢٥) أَحْياءً وَأَمْواتاً (٢٦) وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً (٢٧) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨))