يا لله كم ذا يفيض الله على عباده من وافر فضله. وكم يحرسهم بعنايته ويسددهم في كل حركة يتحركونها لاخلاصهم له تعالى (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ..)
وما يستوي وكيف يستوي المؤمنون المطيعون لخالقهم ومولاهم ، مع الفاسقين المتكبرين على خالقهم العظيم ومولاهم الكريم. فالتباين ظاهر بين الفريقين صالح وطالح. ومصلح ومفسد. (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى) التي ينزلون فيها وتسعد نفوسهم في نعيمها جزاء (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).
(وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ) يصيرون في مهاويها وصناديقها المعدة لهم جزاء لاجرامهم (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها) يا له من مشهد يرجف القلوب ويهلع الضمائر الحية. مشهد مرعب مخيف. يريدون الهرب والفرار. وأنى لهم ذلك. (ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ) فهو تقريع واستهزاء بهم كما كانوا في الدنيا يستهزأون بالمؤمنين المطيعين لخالقهم ومولاهم. (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ).
الرحمة تتراءى من وراء هذا العذاب الادنى. فالله سبحانه وتعالى لا يحب أن يعذب عباده اذا لم يستحقوا العذاب بعلمهم. واذا لم يصرّوا على عصيانهم. فهو يوعدهم بأن يأخذهم بالعذاب في الارض (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ولعلهم تستيقظ فطرتهم. ويردهم العذاب العاجل الى الصواب فيرجعون عن الخطأ. فيفوزوا بسعادة الدنيا والاخرة. وحينئذ يكون العذاب لهم في العاجل نعمة من الله.
(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي