البصريّ (١). وهي علاقة لم يشر إليها أى مصدر من مصادر التفسير أو التاريخ ، إباضيّا كان هذا المصدر أو غير إباضيّ. وفيما يلي بيان ذلك.
كان أوّل عمل قمت به حين تعرّفت على الكتاب هو نسخه أجزاء وقطعا من مخطوطاته المتفرّقة ، من غير تتابع ، وبدون انتظار لاستكمال الكتاب ، خوفا على المخطوطات من عوادي الزمن.
وممّا لفت نظري أثناء النسخ الأوّل كثرة الروايات عن علماء البصرة صحابة وتابعين ، مثل : أنس بن مالك وعمران بن حصين ، ومثل : الحسن البصري وقتادة ، بجانب أسماء جابر بن زيد وأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة. فوجّهت عنايتي إلى البحث عن سلسلة السند التي تربط بين الشيخ الهوّاريّ ، وهو من علماء القرن الثالث الهجريّ ومن المغرب الأوسط ، وبين جابر بن زيد وأبي عبيدة مسلم ، وهما من علماء القرن الأول والثاني ، ومن البصرة.
وفي أثناء ذلك قرأت الفصل الذي كتبه أستاذنا الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور عن يحيى بن سلّام ، والذي أشاد فيه بقيمة هذا المفسّر ، وقال عن تفسيره إنّه : «أقدم التفاسير الموجودة اليوم على الإطلاق» (٢). ثم قرأت الدراسة القيّمة التي قام بها الأستاذ حمادي صمود ، والتي نشرها بالفرنسيّة في مجلّة معهد الآداب العربيّة تحت عنوان : «مفسّر مشرقيّ بإفريقية : يحيى بن
__________________
(١) هو أبو زكرياء يحيى بن سلّام بن أبي ثعلبة التيميّ ، تيم ربيعة ، مولاهم. ولد بالكوفة سنة ١٢٤ ه / ٧٤٢ م ، ثمّ نشأ بالبصرة ، وهي في أوج ازدهارها العلميّ. ولقي بها بعض التابعين وكثيرا من العلماء. ثم انتقل إلى القيروان حيث طاب له المقام زمنا ، وبها سمع الناس تفسيره. ثمّ رحل عنها بسبب سفارة قام بها بين عمران بن مجالد الربعي وبين أبي العبّاس عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب فاخفر فيها العهد على يده. ثمّ قصد مكّة للحجّ ، ثمّ رجع إلى مصر حيث توفّي سنة ٢٠٠ ه / ٨١٥ م. أهمّ مصادر ترجمته وأخباره : أبو العرب ، طبقات علماء إفريقية ، ص ٣٧ ـ ٣٩ ؛ المالكي : رياض النفوس ، ص ١٢٢ ـ ١٢٥ ؛ ابن خير الإشبيلي : فهرسة ، ص ٥٦ ـ ٥٧ ؛ الداودي ، طبقات المفسّرين ، ج ٢ ، ٣٧١ ؛ ابن الجزري ، غاية النهاية في طبقات القرّاء ، ج ٢ ، ص ٣٧٣ ؛ ابن الأبار ، الحلّة السيراء ، ج ١ ، ص ١٠٥ ؛ الذهبي ، ميزان الاعتدال ، ج ٤ ، ص ٣٨٠ ؛ الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج ٩ ، ص ٣٩٦ ، ط. بيروت ؛ الزركلي ، الأعلام ، ج ٩ ، ص ١٨٢ ـ ١٨٣.
(٢) محمد الفاضل ابن عاشور ، التفسير ورجاله ، ص ٢٧. وقد وجدت الآن تفاسير مطبوعة أقدم منه عهدا مثل : تفسير مجاهد بن جبر ، وتفسير مقاتل بن سليمان.