سلّام (٧٤٢ ـ ٨١٥) (١). فتاقت نفسي إلى الاطّلاع على هذا التفسير عن كثب ، وذلك ما تمّ لي ـ والحمد لله ـ أثناء ثلاث زيارات دراسيّة قمت بها إلى تونس ما بين سنتي : ١٩٧٦ و ١٩٨١ م. وهنالك تحقّق بعض ما كنت أصبو إليه ، واقتنيت أوّل نسخة مصوّرة من قطعة تفسير ابن سلّام التي كانت في خزانة الأستاذ حسن حسني عبد الوهّاب ، والتي تحمل الآن رقم ١٨٦٥٣ في فهرست المخطوطات بدار الكتب الوطنيّة بتونس.
وبينما كنت ذات يوم أنسخ تفسير الشيخ هود الهوّاريّ إذ استعصت عليّ عبارة في تفسير آية من سورة النمل ؛ فبدا لي أن أرجع إلى مخطوطة ابن سلّام لعلّها تسعفني بإيضاح ما أشكل عليّ. وكم كانت دهشتي عظيمة حين وجدتني أقرأ في تفسير ابن سلّام كلاما لم يكن غريبا عنّي ، وكأنّني أعرف عباراته من قبل. وما إن قارنت في صفحة أو صفحتين بين التفسيرين حتى تبيّن لي أنّ هنالك علاقة ظاهرة بينهما. ثمّ تأكّد ذلك عندي على مرّ الأيّام وعلى توالي السور. وهكذا وجّهت عنايتي نحو دراسة تفسير ابن سلّام والبحث عن مخطوطاته لأستعين بها على عملي في التحقيق.
وقد أبديت ملاحظتي هذه لأستاذنا الإمام المرحوم إبراهيم بيّوض ، فعجب وقال : ما كنّا نعلم هذا ولا سمعنا به. وأوصاني بالتثبّت وزيادة البحث ؛ وهذا ما قمت به والتزمته طوال سنوات ، ومن أوّل الكتاب إلى آخره. فبعد أن أتممت نسخ تفسير الشيخ هود وشرعت في تحقيقه ، صرت أرجع إلى ما أمكنني الحصول عليه من مخطوطات ابن سلّام البصري (٢) ، وإلى تفسير محمد بن أبي زمنين (٣) وهو مختصر تفسير ابن سلام.
__________________
(١) (. Annee ٥١٨ ـ ٢٤٧ IBLA, Un exegete Oriental en Ifriqiya, Yahya Ibn Sallam,) ٢٤٢ ـ ٧٢٢, pp. ٢ / ٦٢١, n ٣٣.
(٢) لقد قدّم لي إخوان كرام بتونس يد المساعدة للحصول على بعض المخطوطات والوثائق ، وعلى رأسهم صديقي العزيز الدكتور فرحات الجعبيري. وتفضّل الأستاذ الدكتور سعد غراب فبعث إليّ ببعض أجزاء من مخطوطة العبدليّة التي تحمل رقم ٧٤٤٧ في المكتبة الوطنيّة بتونس ، والتي يبتدئ التفسير بها من أوائل سورة النحل ، فتمّ لي بذلك جمع ما يقرب من ثلث تفسير ابن سلّام.
(٣) كانت الدكتورة الفاضلة هند شلبي أوّل من أطلعني وأنا بتونس على مخطوطة تفسير ابن أبي زمنين ، ثمّ تفضّل السيّد مدير المكتبة الوطنيّة بالجزائر الدكتور محمود بوعياد فحصّل لي على المخطوطة كاملة مصوّرة ـ