أحيى ، ثمّ صعد إلى السماء ؛ فتابعه على ذلك أناس من الناس ، فكانت اليعقوبيّة من النصارى. فقال الثلاثة الآخرون : نشهد إنّك كاذب. فقالوا للثاني : ما تقول في أمر عيسى؟ قال : هو ابن الله ؛ فتابعه على ذلك أناس من الناس ، فكانت النسطوريّة من النصارى ؛ فقال الاثنان : نشهد إنّك كاذب. فقالوا للثالث : ما تقول في عيسى؟ فقال : هو إله وأمه إله ، والله إله. فتابعه على ذلك أناس من الناس. فكانت الإسرائيليّة من النصارى ؛ فقال الرابع : أشهد إنّك كاذب ، ولكنّه عبد الله ورسوله ، ومن كلمة الله وروحه ، فاختصم القوم ، فقال المسلم : أناشدكم الله ، هل تعلمون أنّ عيسى كان يطعم الطعام (١)؟ فقالوا : اللهمّ نعم. قال : فهل تعلمون أنّ عيسى كان ينام والله لا ينام؟ قالوا : اللهمّ نعم. فخصمهم المسلم فاقتتل القوم. وذكروا لنا أنّ اليعقوبيّة ظفرت يومئذ ، وأصيب المسلمون ، فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ).
(أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٢٢) : وهذه الأصناف في كتاب الله في ثلاثة مواضع ؛ قال الله : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) [المائدة : ١٧ و ٧٢]. وقال : (وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) [التوبة : ٣٠] وقال : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) [المائدة : ٧٣]. فهذه الأصناف الثلاثة موصوفة في هذه المواضع التي سمّينا من كتاب الله.
قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٢٣) : يعني أهل الكتاب في تفسير الحسن. وقال غيره : هم اليهود خاصّة. دعاهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المحاكمة إلى كتاب الله ، وأعلمهم أنّ الكتاب الذي أنزله الله عليه موافق لكتابهم الذي أنزل عليهم ، فتولّوا عن ذلك وأعرضوا عنه.
قوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) : عدد الأيّام التي عبدوا فيها العجل (٢) ، يعني به أوّليهم ـ وقد فسّرناه في سورة البقرة (٣) ـ ، ثمّ رجع الكلام إليهم
__________________
(١) سياق المعنى يقتضي أن يزاد هنا : «والله لا يطعم الطعام» ولكن هذا غير موجود في ق ، وع ، ولا في د.
(٢) في ق وع ود : «عدد أيّام العجل الذي عبدوه فيها أربعين ليلة». وما أثبتّه من ز أسلس عبارة مع وضوح المعنى.