والكفّار؟ أى إنّهم لا يستوون عند الله ، يعني الذين وصفهم الله في الآية الأولى في قوله : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ ...) إلى آخر الآية. ثمّ قال : هل (أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ) ، ثمّ ذكر هذه الأعمال الصالحة.
قوله : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ) : فيها تقديم وتأخير. يقول : شهد الله أنّه لا إله إلّا هو قائما بالقسط ، أى بالعدل ، وشهد الملائكة وشهد أولو العلم ، وهم المؤمنون. (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١٨) : العزيز في ملكه ، بعزّته ذلّ من دونه. وبعضهم يقول : العزيز في نقمته ، الحكيم في أمره.
قوله : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [آل عمران : ٨٥]. قال : (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) : وكانوا على الإسلام (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً) : أى حسدا (بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ) : من بعد ما جاءته ، أى جاءهم ما عرفوا فكفروا به. (فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١٩) : يعني عذابه ؛ إذا أراد أن يعذّبهم لم يؤخّرهم عن ذلك الوقت ؛ هذا في تفسير الحسن. وقال مجاهد : يعني إحصاءه عليهم (١).
قوله : (فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ) : أى : أخلصت (وَجْهِيَ) : أى ديني (لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ) : أى من اتّبعني أسلم وجهه لله. (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ) : يعني مشركي العرب ، وكانت هذه الأمّة أمّيّة ليس لها كتاب من السماء تقرأه ، حتّى أنزل الله القرآن. (أَأَسْلَمْتُمْ) : يقول : أأخلصتم لله؟ أى أقررتم وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة؟ على الاستفهام. قال : (فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا) : عن ذلك (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) : أى في الحجّة تقيمها عليهم. (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) (٢٠) : أى بأعمال العباد ، بصير بهم.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) : يعني بدين الله في تفسير الحسن. وقال بعضهم يقول : بالقرآن. (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ) : أى بالعدل (مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٢١) : أى موجع.
ذكر بعض المفسّرين قال : ذكر لنا أنّ عيسى لّما رفع انتخبت بنو إسرائيل أربعة من فقهائهم فقالوا للأوّل : ما تقول في أمر عيسى؟ فقال : هو الله ، هبط إلى الأرض ، فخلق ما خلق ، وأحيى ما
__________________
(١) في ق وع ود : «أحصاه». وفي تفسير الطبري ، ج ٦ ص ٢٧٩ : «قال : إحصاؤه عليهم».