ذكر أبو عبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسر (١) قال : أخذ المشركون عمّار بن ياسر فلم يدعوه حتى سبّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذكر آلهتهم بخير ، [ثمّ تركوه] (٢). فلما أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : ما وراءك؟ قال : شرّ يا رسول الله ، والله ما تركت حتّى نلت منك ، وذكرت آلهتهم بخير ، قال : فكيف تجد قلبك؟ قال : أجده مطمئنّا بالإيمان. قال : فإن عادوا فعد (٣).
قوله : (قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ) : أى تظهروه (يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً) : هذا المؤمن. قال بعضهم : (مُحْضَراً) أى : موفّرا مكثّرا (٤). (وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) : فلا يجتمعان أبدا (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) : أى عقوبته (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (٣٠) : أى رحيم. أمّا المؤمن فله رحمة الدنيا والآخرة ، وأمّا الكافر فرحمته في الدنيا ما رزقه الله فيها ، وليس له في الآخرة إلّا النار.
قوله : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢١) : قال الحسن : جعل محبّة رسوله محبّته ، وطاعته طاعته ؛ فقال : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) [النساء : ٨٠] ، وقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما
__________________
(١) هو أبو عبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسر ، كما ورد اسمه صحيحا في المخطوطات ق ، وع ، ود ، وز ، لا كما جاء خطأ في تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٢٢٨ ، فأبو عبيدة اسم لا كنية ؛ وهو حفيد عمّار بن ياسر. قال ابن حزم في جمهرة أنساب العرب ، ص ٤٠٦ في الحديث عن عمار وأبنائه : «وعمّار بدريّ ، مهاجر ، معذّب في الله ـ عزوجل ـ ، وابناه : سعد ، ومحمّد ، ابنا عمّار ، قتل محمّدا المختار ؛ وابن ابنه أبو عبيدة بن محمّد من العلماء بالنسب ...». وكان أبو عبيدة هذا راويا ، ذكره الطبريّ في تاريخه مرارا. ومن الذين رووا عن أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار محمّد بن إسحاق ، صاحب السيرة.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٤٤.
(٣) حديث صحيح أخرجه ابن سلّام عن الفرات بن سلمان عن عبد الكريم الجزريّ عن أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار. وأخرجه ابن جرير الطبريّ مختصرا عن ابن عبد الأعلى عن محمّد بن ثور عن معمر عن عبد الكريم الجزريّ عن أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار عند تفسير قوله تعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ...) الآية [النحل : ١٠٦].
(٤) في ق وع ود : «موفّرا مكنوزا» ، وأثبتّ ما جاء في ز ، ورقة ٤٤ : «موفّرا مكثّرا».