رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ) [الإسراء : ٦٠] فمنعتك منهم (١) أن يصلوا إليك. قال : (وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (١٤٤) : أى المؤمنين ، يجزيهم الجنّة.
وقال بعضهم : ذلك يوم أحد حين أصابهم القرح والقتل ، فتناعوا (٢) نبيّ الله على تفئة ذلك ، فقال أناس منهم : لو كان نبيّا ما قتل ، وقال أناس من علية أصحاب النبيّ عليهالسلام : قاتلوا على ما قاتل عليه نبيّكم حتّى يفتح الله عليكم أو تلحقوا به ، فقال الله : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) ، أى : كفّارا بعد إيمانكم.
قوله : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً) : أى لا تستقدم عنه ولا تستأخر. ذكروا عن سعيد بن جبير قال : أجله مكتوب في أوّل الكتاب ، ثمّ يكتب في أسفل الكتاب : ذهب من أجله يوم كذا وكذا. وذهب كذا وكذا ، حتّى يفنى عمره. قال : وهو قوله : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ) [فاطر : ١١].
قوله : (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) : هو مثل قوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) [الإسراء : ١٨]. (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها) : يعني الجنّة ، يثاب على قدر عمله ، (وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) (١٤٥) : أى المؤمنين. قوله : (وَكَأَيِّنْ) أى : وكم (مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) : يقول : جموع كثيرة. قوله : (رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) : قال الحسن : علماء كثير. وقال عبد الله بن مسعود : جموع كثيرة ، وقال مجاهد : جموع كثيرة. وقال بعضهم : الرّبّيّون اثنا عشر ألفا (٣). وبعضهم يقرأها : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ).
قوله : (فَما وَهَنُوا) : أى فما ضعفوا في تفسير الحسن ومجاهد. (لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ
__________________
(١) كذا وردت العبارة في ق وع : «فمنعتك منهم» ، وهي أصحّ ، وفي د : «فيمنعك منهم».
(٢) في ق ، وع ، ود : «ثمّ بايعوا نبيّ الله على بقيّة ذلك» ، وكأنّ ناسخ مخطوطة د لم يطمئنّ لكلمة «بقيّة» فترك مكانها بياضا. وفي العبارة تصحيف صوابه ما ورد في تفسير الطبري ، ج ٧ ص ٢٥٣ ، كما صحّحه الشيخ محمود شاكر. وتناعوا النبيّ أى : كان ينعاه بعضهم لبعض ، أى يخبرون بموته. وقوله : «على تفئة ذلك» ، أى على إثر ذلك.
(٣) قال الفرّاء في معاني القرآن ، ج ١ ص ٢٣٧ : «الرّبّيّون : الألوف». وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ، ص ١١٣ : «أي جماعات كثيرة ، ويقال : الألوف. وأصله من الرّبّة ، وهي الجماعة. يقال للجمع ربّيّ ، كأنه نسب إلى الرّبّة ثمّ يجمع ربّيّ بالواو والنون فيقال : ربّيّون». وانظر اللسان : (ربب).