قوله : (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) : أى وليبتلي الله الذين آمنوا (وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) (١٤١) : أى يمحق أعمالهم يوم القيامة. قال بعضهم : فكان تمحيصا للمؤمنين ، ومحقا للكافرين.
قوله : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (١٤٢) : هو كقوله : (أَمْ حَسِبْتُمْ ، أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ ...) إلى آخر الآية [البقرة : ٢١٤].
قوله : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (١٤٣) : أى الموت بالسيوف في أيدي الرجال (١).
إنّ المؤمنين لّما أخبرهم الله بما فعل بمن استشهد منهم يوم بدر ومنازلهم في الجنّة في هذه الآية : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ...) إلى آخر الآية [آل عمران : ١٦٩ ـ ١٧٠] لّما نزلت هذه الآية رغبوا في ذلك وقالوا : اللهمّ ربّنا أرنا قتالا لنستشهد فيه ؛ فأراهم الله إيّاه يوم أحد ؛ فلم يثبت منهم إلّا من شاء الله. نزلت هذه الآية في الشهداء في هذا الموضع قبل هذه الآية : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ) وهي بعدها في التأليف.
وقال بعضهم : قال أناس من المسلمين لم يشهدوا يوم بدر والذي أعطى الله أهل بدر من الفضل والشرف ، وكانوا يتمنّون أن يروا قتالا فيقاتلوا ؛ فسيق إليهم القتال ، حتّى كان القتال بناحية المدينة يوم أحد ، فقال الله ما تسمعون : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ).
قوله : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) : أى إلى الشرك (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً) : أى إنّما يضرّ نفسه. وقد أخبر الله محمّدا أنّه لا يقتل أبدا ولا يظهر عليه بقتل أبدا ، فقال : (وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَ
__________________
(١) في ز ، ورقة ٥٢ : «إلى السيوف في أيدي الرجال». وفي ق وع ود : «أي السيوف يوم أحد الموت فيها» وهي عبارة مضطربة أثبت مكانها ما أورده الطبريّ في تفسيره ج ٧ ص ٢٥٠ عن ابن إسحاق ، وهي أفصح وأدلّ على المقصود.