على «أن يّغلّ». ذكروا عن ابن عبّاس أنّه كان يقرأها : «أن يّغلّ» ؛ روى ذلك عنه مجاهد. وقال مجاهد : يخون أو يخوّن ، وهي تفسير على الوجهين. قوله : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) : ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : والذي نفسي بيده لا يغلّ أحد من هذا المال بعيرا إلّا جاء يوم القيامة حامله على عنقه له رغاء ، ولا بقرة إلّا جاء بها يوم القيامة حاملها على عنقه ولها خوار ، ولا شاة إلّا جاء بها يوم القيامة حاملها على عنقه ولها ثغاء (١).
ذكروا عن ابن عمر قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لّما أراد أن يبعث سعد بن عبادة على صدقة أرض كذا وكذا قال : انظر لا تأتي ببعير تحمله يوم القيامة على عنقك. قال : وإنّ ذلك لكائن؟ قال : نعم. قال : لا جرم والله لا أكون لك على عمل أبدا ؛ فرجع إلى أهله (٢). ذكر الحسن قال : قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله : استشهد فلان. قال : كلّا ، إنّي رأيته يجر إلى النار بعباءة غلّها (٣).
قوله : (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (١٦١) : قد فسّرناه في أوّل السورة (٤).
قوله : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ) : أى : كمن استوجب سخط
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير ، باب الغلول وقول الله تعالى : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) ، عن أبي هريرة. وأخرجه مسلم في كتاب الإمارة ، باب غلظ تحريم الغلول (١٨٣١) ، وباب تحريم هدايا العمّال (١٨٣٢) عن أبي حميد الساعديّ ، وفي بعض ألفاظ الحديث : «أو شاة تيعر» ، أى تصيح ، واليعار صوت الشاة.
(٢) أخرج أحمد هذا الخبر عن سعد بن عبادة. وجاء في آخره : فقال سعد : «لا آخذه ولا أجيء به. فأعفاه». وأخرج أبو داود في كتاب الخراج والإمارة والفيء ، باب غلول الصدقة (رقم ٢٩٤٧) عن أبي مسعود الأنصاريّ قال : بعثني النبيّ صلىاللهعليهوسلم ساعيا ، ثمّ قال : «انطلق أبا مسعود ، ولا ألفينّك يوم القيامة تجيء وعلى ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاء قد غللته». قال : إذا لا أنطلق. قال : «إذا لا أكرهك». وانظر تفسير الطبري ، ج ٧ ص ٣٦١.
(٣) أخرجه عبد الرزّاق في المصنّف مرسلا كما في الدرّ المنثور للسيوطي ، ج ٢ ، ص ٩٢. وأخرجه الترمذيّ في أبواب السير عن عمر بن الخطّاب مرفوعا ، وانظر أحاديث الغلول في كتاب السير الكبير لمحمّد بن الحسن الشيباني ، ج ٤ ص ١٢٠٦ ـ ١٢١١ ، باب ما جاء في الغلول.
(٤) انظر ما سلف ، في تفسير قوله تعالى : (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) آية : ٢٥ من هذه السورة.