ليس ذلك بخير لهم (بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ) : قال مجاهد : يعني اليهود. (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) : ذكروا أنّ رسول الله قال : يجيء كنز أحدكم يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان فيقول : أنا كنزك ، فيطلبه ، فما زال يطلبه حتّى يلقمه يده فيقضقضها حتّى يأتي على سائر بدنه (١).
قال الكلبيّ : يطوّق شجاعين في عنقه فيلدغان جبهته ووجهه فيقول : أنا كنزك الذي كنزت ، أنا الزكاة التي بخلت بها. وقال بعضهم : يحملونها على رقابهم وظهورهم فلا تقبل منهم. وقال مجاهد : سيكلّفون أن يأتوا بما بخلوا به يوم القيامة.
قوله : (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : أى يبقى وتفنون أنتم. (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (١٨٠).
قوله : (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) : قالت اليهود : إنّ الله استقرضكم ، وإنّما يستقرض الفقير. يعنون قول الله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ) [الحديد : ١١] ، وقالوا : فهو فقير ونحن أغنياء.
وقال بعضهم : ذكر لنا أنّها نزلت في حيي بن أخطب ؛ لّما أنزل الله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) قال : يستقرضنا ، افتقر إلينا!. وقال مجاهد : لم يستقرضنا وهو غنيّ؟.
قال الله : (سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) : يعني بهذا أوّليهم الذين قتلوا الأنبياء. (وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) (١٨١) : يعني في الآخرة.
(ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) : من الكفر والتكذيب (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (١٨٢).
ثمّ قال : (الَّذِينَ قالُوا) : ببغيهم (إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ) : قال الله : (قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ
__________________
(١) حديث صحيح أخرجه البخاري في عدّة أبواب. أخرجه مثلا في كتاب الزكاة ، باب إثم مانع الزكاة. وفي التفسير ، باب (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً ،) عن أبي هريرة وأوّله : «من آتاه الله مالا فلم يؤدّ زكاته مثّل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع ...». ورواه الحافظ أبو يعلى عن ثوبان عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وفيه : «حتّى يلقمه يده فيقضمها».