وَبِالَّذِي قُلْتُمْ) من القربان الذي تأكله النار ، وأنتم تنظرون فلم تؤمنوا بهم ، وقتلتموهم. (فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٨٣) أنّ الله عهد إليكم ذلك ، يعني أوّليهم.
وكانت الغنيمة قبل هذه الأمّة لا تحلّ لهم ؛ كانوا يجمعونها فتنزل عليها نار من السماء فتأكلها. قال مجاهد : كان الرجل إذا تصدّق بصدقة فقبلت منه أنزلت عليها نار من السماء فأكلتها. ذكر عكرمة قال : ما أحلّت الغنائم لأحد قبلكم ، ولا حرّمت الخمر على أحد قبلكم.
قوله : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ) (١٨٤) : قال الكلبيّ : أمّا الزّبر فكتب الأنبياء ، وأمّا الكتاب المنير فالحلال والحرام. قال الحسن : (جاؤُ بِالْبَيِّناتِ) : أى : الحجج ، (وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ) : وهما شيء واحد. وقال : فأمر الله نبيّه بالصبر ، وعزّاه ، وأعلمه أنّ الرسل قد لقيت في جنب الله الأذى.
قوله : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) : قال الحسن : أخبر الله نبيّه أنّ ما بينهم وبين أن يذوقوا العذاب الموت ، فسوف يذوقونه ، ثمّ يوفّون أجورهم ، فيصير الخلق فريقين : فريق في الجنّة ، وفريق في السعير.
قوله : (فَمَنْ زُحْزِحَ) : أى : فمن نحّي (عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ) : أى نجا وفاز بالجنّة. (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) (١٨٥) : عزّى الله رسوله والمؤمنين عن الدنيا ، وأخبرهم أن ذلك إنّما يصير باطلا.
ذكروا أنّ أبا الدرداء قال : الدنيا ملعونة وملعون ما فيها إلّا ذكر الله وما أدّى إليه (١).
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لقاب قوس أحدكم في الجنّة خير من الدنيا وما فيها. اقرأوا إن شئتم قول الله : (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ). ذكر الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لقاب قوس أحدكم أو موضع سوطه من الجنّة خير من الدنيا وما فيها (٢).
__________________
(١) هذا نصّ حديث حسن أخرجه الترمذيّ في الزهد ، وأخرجه ابن ماجه أيضا في كتاب الزهد (٤١١٢) من حديث عبد الله بن ضمرة ، وعنه عن أبي هريرة وفي آخره : «إلّا ذكر الله وما والاه ، أو عالما أو متعلّما».
(٢) أخرجه البخاري في الرقائق ، باب صفة الجنّة والنار ، من حديث عن أنس أنّ أمّ حارثة أتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد هلك حارثة يوم بدر ... وفيه : «غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ، ولقاب قوس ـ