قوله : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (١٠٠) : ذكروا أنّ رجلا من بني كنانة لّما سمع أنّ بني كنانة قد ضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم يوم بدر ، وقد أدنف للموت ، قال لأهله : احملوني ؛ فحملوه إلى النبيّ عليهالسلام ، فمات في الطريق ، فأنزل الله فيه هذه الآية (١).
قوله : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ) : أى أن يقتلكم (الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً) (١٠١) : هذا قصر صلاة الخوف.
قال : (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) : أى يضعون أسلحتهم وهم حذرون (إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) (١٠٢) : أى من الهوان. وقد فسّرنا صلاة الخوف في سنن الصلاة (٢).
وتفسير مجاهد أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه كانوا بعسفان (٣) والمشركون بضجنان (٤)
__________________
ـ وجه في اللغة. وفي معاني الفرّاء ، ج ١ ص ٢٨٤ : «مراغما ومراغمة مصدران». فالمراغم : المضطرب والمذهب في الأرض. وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ، ص ١٣٤ : «المراغم والمهاجر واحد ؛ تقول : راغمت وهاجرت [قومي]. وأصله أنّ الرجل كان إذا أسلم خرج عن قومه مراغما لهم ، أى مغاضبا ، ومهاجرا ، أى مقاطعا من الهجران. فقيل للمذهب : مراغم ، وللمصير إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم : هجرة لأنّها كانت بهجرة الرجل قومه». وقد نقل ابن أبي زمنين في مخطوطة ز ، ورقة ٧٢ أكثر قول ابن قتيبة هذا حرفيّا ولم ينسبه لقائله. على أنّ ابن قتيبة نفسه نقل الجملة الأولى من مجاز أبي عبيدة ، ج ١ ص ١٣٨.
(١) انظر اختلاف العلماء في اسم الرجل الذي نزلت فيه هذه الآية في أسباب النزول للواحدي ، ص ١٧٠ ـ ١٧١ ، وفي الدرّ المنثور للسيوطي ، ج ٢ ص ٢٠٧.
(٢) هذا كتاب للمؤلّف في الفقه ، وقد وردت هذه العبارة مرارا في تفسير آيات الأحكام خاصّة.
(٣) موضع على مرحلتين من مكّة على طريق المدينة. انظر : ياقوت ، معجم البلدان ، ج ٤ ص ١٢١.
(٤) جبل بناحية تهامة. وقيل جبيل على بريد من مكّة. انظر الزمخشري ، الفائق (ضجن.) وانظر : ياقوت ، ـ