وفي قوله : (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ) ذكروا عن عطاء أنّه قال : من جهّز غيره بمال في سبيل الله كان له بكلّ درهم سبعمائة ضعف ، ومن خرج بنفسه وماله كان له بكلّ درهم سبعمائة ضعف ، وبكلّ ضعف سبعون ألف ضعف ، و (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٢٧) [المائدة : ٢٧].
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا) : أى قالت لهم الملائكة (فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ) : يعني [مقهورين في أرض] (١) مكّة (قالُوا) : أى قالت لهم الملائكة (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) : أى إليها. قال الله : (فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً) (٩٧) : أى بئس المصير من صار إلى جهنّم.
ذكروا عن بعضهم قال : هؤلاء قوم كانوا بمكّة تكلّموا بالإسلام ، فلمّا خرج أبو جهل وأصحابه خرجوا معه فقتلوا يوم بدر ، فاعتذروا بغير عذر ، فأبى الله أن يقبل ذلك عنهم. ثمّ عذر الذين بمكّة واستثناهم فقال : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً) : [أي لا قوّة لهم فيخرجون من مكّة إلى المدينة] (٢) (وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) (٩٨) : أى لا يعرفون طريقا إلى المدينة (فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) : وعسى من الله واجبة. (وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً) (٩٩) : وقال مجاهد : هم أناس كانوا بمكّة لم يستطيعوا أن يخرجوا معهم ، فعذرهم الله. وقوله : (لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) قال مجاهد : طريق المدينة (٣). قوله : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً) : قال الحسن : وجوها كثيرة من الطلب (وَسَعَةً). وقال بعضهم : (يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً) : مهاجرا يهاجر إليه ، يخرج مهاجرا ومراغما للمشركين. وتفسير مجاهد : (مُراغَماً) : أى متزحزحا عمّا يكره وسعة (٤).
__________________
ـ ولد فيها ...».
(١) زيادة من ز ، ورقة ٧٢.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٧٢.
(٣) وكان ابن عبّاس يقول : كنت أنا وأمّي ممّن لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا. وفي صحيح البخاري عن ابن أبي مليكة عن ابن عبّاس رضي الله عنهما : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ) قال : كانت أمّي ممّن عذر الله.
(٤) كذا في د : «متزحزحا» ، وهو الصحيح ، وبهذا اللفظ ورد في تفسير مجاهد ص ١٧١ ، وفي ع : «متحيّزا» وله ـ