الحسن أنّ رجلا من المشركين لّما غشيه المسلم في سيره ، ومعه متاع له فرغب فيه وهو على حمار له ، فذهب ليقتله فقال : إنّي مسلم فلقيه فقتله ، فأخذ متاعه ، فأنزل الله هذه الآية : (فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ) يعطيكموها ... إلى آخر الآية.
(كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ) : أى ضلّالا (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ) : بالإسلام وهداكم له.
وقال الحسن : (كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ) مشركين مثلهم فأعطيتم ما أعطاكم فقبل منكم ، فهلّا قبلتموه منهم. (فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (٩٤).
قوله : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) : ذكروا عن البراء بن عازب قال : لّما نزلت هذه الآية : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) جاء ابن أمّ مكتوم إلى النبيّ عليهالسلام فقال : يا رسول الله ، أنا كما ترى ، كان أعمى ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ادعوا لي زيدا وليأتني باللوح أو الكتف ، فأنزل الله : (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) ، فأنزل الله عذره (١). وقال الحسن : هو كقوله : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) [الفتح : ١٧].
قوله : (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا) : أى المجاهد والقاعد (وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) : والحسنى الجنّة. وعد الله المجاهدين من المؤمنين الجنّة. وهذه نزلت بعد ما صار الجهاد تطوّعا.
(وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (٩٥) دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٩٦).
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : من أقام الصلاة وآتى الزكاة ومات لا يشرك بالله فإنّ حقّا على الله أن يغفر له ، جاهد أو قعد (٢).
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب التفسير ، سورة النساء عن البراء بن عازب ، وفي بعض ألفاظه : «ادعوا لي فلانا ، فجاءه ومعه الدواة واللوح أو الكتف».
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد ، باب درجات المجاهدين عن أبي هريرة بلفظ : «من آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقّا على الله أن يدخله الجنّة ، جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ـ