ذكروا عن حارثة بن وهب الخزاعيّ (١) أنّه قال : صلّيت مع رسول الله بمنى ركعتين ، أكثر ما كان الناس وآمنهم.
ذكروا أنّ رجلا قال : يا رسول الله ، إنّي رجل تاجر أتّجر إلى البحرين ، فكيف تأمرني بالصلاة؟ قال : صلّ ركعتين (٢).
قوله : (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ) : قال بعضهم : إذا لم يكن مريضا صلّى قائما ، وإذا كان مريضا صلّى قاعدا ويسجد على الأرض إن استطاع ، فإن لم يستطع أن يسجد على الأرض أومأ إيماء ، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه ، فإن كان لا يستطيع أن يصلّي قاعدا صلّى مضطجعا على جنبه الأيمن إلى القبلة ، وإن كان مرضه أشدّ من ذلك صلّى مستلقيا ، وإن كان مرضه أشدّ من ذلك كبّر ، ويقال : عدد تكبير تلك الصلاة. وإن أغمي عليه يوما أو أيّاما كانت عليه إعادة يوم وليلة ، وفيه اختلاف ؛ وهو في سنن الصلاة.
وقال بعض المفسّرين في قوله : (فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ) قال : افترض الله ذكره عند القتال. وقال الحسن : قوّة المؤمن في قلبه ، يذكر الله قائما أو قاعدا أو مضطجعا على فراشه.
قوله : (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) : أى فإذا أمنتم (٣) (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) : [يقول : فأتمّوا الصلاة] (٤) (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) (١٠٣) : قال الحسن : كتابا
__________________
(١) هو حارثة بن وهب الخزاعيّ ، كانت أمّه تحت عمر بن الخطّاب وولدت له عبيد الله ، فهو أخوه لأمّه. وقد صلّى مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلاة القصر هذه وهو في حجّة الوداع. والحديث صحيح أخرجه البخاري في كتاب الصلاة ، في أبواب التقصير ، باب الصلاة بمنى.
(٢) لم أجد هذا الحديث فيما بين يديّ من كتب الحديث والتفسير ، ولعلّه ممّا انفرد بروايته ابن سلّام.
(٣) كذا في ع : «فإذا أمنتم». وفي د : «فإذا أقمتم». وفي ز ورقة ٧٢ : «يعني في أمصاركم». وقال ابن سلّام في كتابه التصاريف : «(فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) يقول : فإذا أقمتم (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) يعني فأتمّوا الصلاة».
(٤) زيادة من ز ، ورقة ٧٢. وانظر تحقيقا وافيا حول اختلاف العلماء في قصر الصلاة ، هل هو قصر كيفيّة أو قصر كمّيّة كما هو رأي الجمهور. واقرأ قول ابن عبّاس الذي رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها في أوّل باب منه (رقم ٦٨٧) ورواه غيره من أئمة الحديث ، قال : «فرض الله الصلاة على لسان نبيّكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف واحدة». انظر ذلك كلّه في عمدة التفسير عن الحافظ ـ