مفروضا (١). وقال مجاهد : كتابا واجبا.
وقال بعضهم : (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) أى : إذا انقضى سفركم (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) أى : فأقيموا الصلاة أربعا. وقال مجاهد : (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) أى : فأتمّوا الصلاة.
قوله : (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ) : أى : لا تضعفوا في طلب القوم ، وذلك يوم أحد. وقد فسّرنا ذلك قبل هذا الموضع. (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ) قال الحسن : يعني الوجع من الجراح (وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ) : في ذلك من ثوابه (ما لا يَرْجُونَ) : أى : ما لا يرجو المشركون. يرغّبهم بذلك في الجهاد. وقال بعضهم : (فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ) أى : ييجعون (٢) كما تيجعون. (وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ) من الثواب في الآخرة (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (١٠٤).
قوله : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) : أى في
__________________
ـ ابن كثير ، تحقيق أحمد محمد شاكر ، ج ٣ ص ٢٥٤ ـ ٢٥٨.
(١) كذا في ع ود ، وفي ز : «كتابا مفروضا ... كتابا واجبا» ، وهو وجه من التأويل صحيح. انظر مختلف معاني (كتب) عند ابن سلّام ، في التصاريف ، ص ١٧٢ ، وعند الفارسيّ ، في الحجّة في القراءات السبع ، ج ٢ ص ٣٣٢. ولم يشر المؤلّف إلى المعنى الآخر للفظ (موقوتا) وهو الذي أورده مفسّرون ولغويّون كثيرون. قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ، ج ١ ص ١٣٩ : «أي موقّتا وقّته الله عليهم». وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ، ص ١٣٥ : «أي : موقّتا ، يقال : وقّته الله عليهم ووقته أى : جعله لأوقات». وقال الزمخشريّ في الكشّاف ، ج ١ ص ٥٦١ : " محدّدا بأوقات لا يجوز إخراجها عن وقتها على أى حال كنتم : خوف أو أمن». وقال السجستانيّ في غريب القرآن : «موقوتا : أى مؤقّتا». وترجم البخاريّ : «باب مواقيت الصلاة وفضلها وقوله : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) وقته». وفي اللسان : «(كتابا مّوقوتا :) أى : موقّتا مقدّرا ؛ تقول : وقته فهو موقوت إذا بيّن للفعل وقتا يفعل فيه». وإذا اعتمدنا القاعدة : التأسيس أولى من التوكيد ، رجّحنا هذا الجانب الأخير من التأويل فيكون المعنى : إنّ الصلاة كانت على المؤمنين فرضا مقدّرا ومحدّدا بوقت. وهذا ما مال إليه الطبريّ في تفسيره ، ج ٩ ص ١٧٠ وبيّنه أحسن بيان. وانظر في اللسان (وقت) كيف اتّسع معنى الوقت من تحديد الزمان إلى تحديد المكان ، فقيل للموضع ميقات. ومنه ميقات الحاجّ.
(٢) كذا «ييجعون» من الوجع. وقد ورد في اللغة : وجع ، يوجع ، وييجع ، وياجع ، وكلّ صحيح. انظر : اللسان (وجع).