وقال مجاهد : هو رجل مؤمن من حلفاء النبيّ صلىاللهعليهوسلم قتل حليفا لأبي سفيان من هذيل يوم الفتح بعرفة ، لأنّه كان يقتل حلفاء النبيّ. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لعن الله من يقتل بذحل الجاهليّة (١).
قال : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢) : قال الحسن : هذا حين صدّوه يوم الحديبيّة عن المسجد الحرام.
قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) : أى : ما ذبح لغير الله. (وَالْمُنْخَنِقَةُ) : قال بعضهم : المنخنقة : التي تختنق في حبلها فتموت ، كانوا يأكلونها. (وَالْمَوْقُوذَةُ) : كانوا يضربونها بالخشبة حتّى تموت ثمّ يأكلونها. (وَالْمُتَرَدِّيَةُ) : التي تتردّى في بئر فتموت فيأكلونها. (وَالنَّطِيحَةُ) : الكبشان ينتطحان فيموت أحدهما ، كانوا يأكلونه. (وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) : أى إلّا ما أدركتم ذكاته.
قال بعضهم : كلّ ما أدركتم من هذا كلّه ، ما خلا الخنزير ، من عين تطرف ، أو قائمة ترتكض ، أو ذنب يتحرّك ، فأدركت ذكاته ، فذكرت اسم الله عليه ، فقد أحلّ الله لك أكله.
ذكروا عن بعضهم قال : إنّما تكون الذكاة في العين والطرف والرجل. ثمّ أنزل الله بعد ذلك : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) [المائدة : ٥]. والطعام : الذبيحة في تفسير مجاهد والناس (٢). قوله : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) : قال بعضهم : هي حجارة كان يعبدها أهل الجاهليّة فيذبحون لها.
قوله : (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) : قال بعضهم : قداح كانوا يستقسمون بها في الأمور ، فكان الرجل إذا أراد سفرا أخذ قدحا فقال : هذا يأمرني بالخروج ، وأنا مصيب في سفري خيرا ،
__________________
(١) الذّحل : الثأر ، وقيل : الحقد والعداوة. ولم أجد الحديث بهذا اللفظ فيما بين يديّ من مصادر الحديث. إلّا أنّ القرطبيّ أورد في تفسيره ، ج ٢ ص ٢٤٥ حديثا بدون سند هذا نصّه : «إنّ من أعتى الناس على الله يوم القيامة ثلاثة : رجل قتل غير قاتله ، ورجل قتل في الحرم ، ورجل أخذ بذحول الجاهليّة». وروى الذهبيّ في ميزان الاعتدال ، ج ٢ ص ٥٤٧ ما يلي : بشر بن المفضل ، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن الزهريّ ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي شريح مرفوعا : «إنّ أعتى الناس على الله من قتل غير قاتله ، ومن طلب بذحل الجاهليّة». ورواه أبو عبيد القاسم بن سلّام بسند في كتاب الأموال ، ص ١٤٥.
(٢) لم أهتد إلى وجه إيراد هذه الآية هنا ، وستأتي مفسّرة مفصّلة بعد آيتين.