ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) (٤٣) : قال بعضهم : (وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ) أى بيان ما تشاجروا فيه من شأن قتيلهم ، يعني القود ؛ أى إنّ في التوراة أنّ النفس بالنفس. قال الحسن (١) : إنّ رجلا من أشراف اليهود زنى وهو محصن ، فرفعه أحبارهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ورجوا أن يصيبوا عنده رخصة ، وقد علموا أنّه رسول الله ، وكان عندهم في التوراة الرجم. فأتوه به وقالوا : يا محمّد ، إنّ هذا قد زنى وهو محصن ، فماذا عليه في دينك؟ فأبى الله إلّا أن يقرّرهم ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أناشدكم بالله ما عليه؟ فقالوا : يا أبا القاسم ، إنّا لم نرد هذا ، وإنّا قد رضينا بحكمك. فأبى الله إلّا أن يقرّرهم له ، فقال لهم رسول الله : أناشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما عليه؟ فقالوا مثل ذلك. فأبى الله لرسوله إلّا أن يقرّرهم له. فقال لهم مثل ذلك. فقالوا : الرجم. فأمر به رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرجم (٢).
ذكروا عن ابن عمر أنّ يهوديّين أصابا فاحشة ، فرفعا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : ما في كتابكم؟ فقالوا : يحمّمان ويجبّهان ويجلدان ويغلظ لهما في القول ؛ ثمّ يخرجان عن أوطانهما ويطردان. فقال عبد الله بن سلام : كذبوا ؛ في كتابهم الرجم يا رسول الله. فقال لهم : (فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٩٣) [آل عمران : ٩٣] (٣). قال : فأتوا بها فجاءوا بقارئهم ، فوضع يده على آية الرجم وجعل يقرأ. فقال عبد الله بن سلام : أرخ كفّك. فباعدها ، فإذا آية الرجم تلوح. فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم برجمهما. قال ابن عمر فلقد رأيتهما وهما يرجمان وإنه ليقيها الرجم بنفسه.
ذكروا عن عكرمة قال : إنّ يهوديّين رفعا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد أصابا فاحشة ، فسألهم فقال : أيّكم أعلم؟ فقالوا : ابن صوريا ، رجل أعور. فسأله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : أنت أعلم اليهود؟
__________________
(١) يذكر المؤلّف هنا عدّة روايات لقصّة مشهورة يرويها المفسّرون في سبب نزول الآية. وقد وردت في كتب السنّة مثل صحيح مسلم في كتاب الحدود ، باب رجم اليهود ، أهل الذمّة ، في الزنى عن عبد الله بن عمرو عن البراء بن عازب (رقم ١٦٩٩) و (رقم ١٧٠٠) وسنن أبي داود وابن ماجه ، وأوردها الطبري في تفسيره ، ج ١٠ ص ٣١٢ فما بعدها ، والسيوطي في الدر المنثور ، ج ٢ ص ٢٨٢ ، والواحديّ في أسباب النزول ، ص ١٨٨.
(٢) وردت الجملة في ع ود مضطربة وبها أخطاء فأثبتّ صحّتها من كتب التفسير.
(٣) أقحم في هذا الموضع ، في مخطوطتي د وع جزء من الآية ٤٤ التالية ، فرأيت من المناسب أن تتتابع الروايات المختلفة في قصّة اليهوديّين اللذين رفع أمرهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأرجأت الآية إلى موضعها حسبما وردت في النصّ القرآني.