الله. وكان الحسن يشترط في هذا ونحوه الصدق. صدق والله الحسن ؛ إنّه كفّارة له إذا أراد به وجه الله ؛ و (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٢٧) [المائدة : ٢٧]. ذكروا أنّ مجاهدا قال : هو كفّارة للجارح (١).
قوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٤٥) : قد فسّرناه في الآية الأولى.
قوله : (وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٤٧) : والفسق هاهنا الشرك. وهو فسق أهل الجحود. وقد فسّرناه في الآية الأولى وفسّرنا أنّه فسق فوق فسق وفسق دون فسق. وكذلك الظلم والكفر. قد كان أهل التوراة أمروا في القتيل عمدا بالقود ، وكأنّ أهل الإنجيل أمروا بالعفو ، فعاتب الله اليهود والنصارى في هذه الآية بما حرّفوا من كتاب الله ، وهم يشهدون عليه أنّه من كتاب الله فكتبوا كتابا بأيديهم ، ثمّ أنزل الله القرآن فدعاهم إلى أن يعملوا بما فيه. ومن حكمهم بما أنزل الله في كتابهم أن يتّبعوا محمّدا فيما جاء به.
قال : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ) : يعني التوراة والإنجيل ، وإن اختلفت الشرائع فإنّ الدين واحد. قال : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) [المائدة : ٤٨].
قوله : (وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) : ذكروا عن رجل من بني تميم (٢) قال : سألت ابن عبّاس عن قوله : (وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) فقال : ومؤتمنا عليه. ذكروا عن عبد الله بن الزبير قال : المهيمن القاضي على ما قبله من الكتب. وتفسير الكلبيّ : (وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) أى : شهيدا عليه. وذكر بعضهم قال : (مُهَيْمِناً
__________________
ـ رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : من جرح في جسده جراحة فتصدّق بها ، كفّر عنه ذنوبه بمثل ما تصدّق به».
(١) وهو قول نسب أيضا إلى ابن عبّاس ، «قال : كفّارة للجارح ، وأجر الذي أصيب على الله» كما جاء في تفسير الطبري ، ج ١٠ ص ٣٦٦.
(٢) هو أربدة ، بكسر الباء ، وقيل : أربد التميمي ، تابعيّ ثقة ، يروي التفسير عن ابن عبّاس.