عَلَيْهِ) أى : أمينا عليه وشاهدا على الكتب التي قد خلت قبله.
قوله : (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِ) قال الحسن ورجل من أهل العلم ؛ قال أحدهما : يخلّى بينهم وبين حكّامهم ، فإذا ارتفعوا إلينا حكمنا عليهم بما في كتابنا ، وقال الآخر : بما في كتابهم.
ذكر جابر بن عبد الله أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجم رجلا من اليهود وامرأة زنيا ، وقال لليهود : نحن نحكم عليكم اليوم. ذكر بعضهم قال : ذكر لنا أنّ نبيّ الله لّما نزلت هذه الآية : (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا ...) إلى آخر الآية قال : نحكم اليوم على اليهود وعلى من سواهم من أهل الأديان.
ذكر محمّد بن سيرين أنّ رجلا من اليهود زنى وهو محصن فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : تعالوا نحكم عليهم بما في كتابهم إذ ضيّعوه (١).
قوله : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) : ذكروا عن رجل من بني تميم قال : سألت ابن عبّاس عن قول الله تعالى : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) قال : (شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) : سبيلا وسنّة. وهو تفسير مجاهد. وتفسير مجاهد : الشّرعة السنّة ، والمنهاج السبيل. ذكروا عن بعضهم أنّه قال : (شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) : سبيلا وسنّة. والشرائع مختلفة ؛ للتوراة شريعة ، وللإنجيل شريعة ، وللقرآن شريعة ، يحلّ الله ما يشاء ويحرّم ما يشاء ، ليعلم من يطيعه ممّن يعصيه ، ولكنّ الدين واحد لا يقبل الله إلّا الوفاء والإخلاص والتوحيد له.
قوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) : أى ملّة واحدة (وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) : أى ليختبركم فيما أعطاكم من الكتب والسنن. وقال الحسن : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) : أى على الهدى ، كقوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى) [الأنعام :
__________________
(١) هذه الأحاديث الثلاثة كلّها حول قصّة واحدة. وقد وردت في أغلب كتب الصحاح ، فقد أخرجه مسلم في كتاب الحدود ، باب رجم اليهود وأهل الذمّة في الزنى (رقم ١٧٠٠) وأخرجه ابن ماجه في كتاب الحدود ، باب رجم اليهود واليهوديّة. كلاهما يرويه عن البراء بن عازب. ولفظهما : «اللهمّ إنّي أوّل من أحيا أمرك إذ أماتوه». وقد أخرج الطبري في تفسيره ، ج ١٠ ص ٣٣٨ الحديث الثاني عن قتادة مرسلا بلفظ : «نحن نحكم على اليهود وعلى من سواهم من أهل الأديان». ونسبه السيوطيّ في الدرّ المنثور ، ج ٢ ص ٢٨٥ إلى عبد بن حميد عن قتادة.