٣٥].
وقال : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) : أى في وجهتكم (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (٤٨).
قوله : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) : قد فسّرناه في الآية الأولى. قوله : (وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ) : أى : يصدّوك (عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا) : يعني اليهود عن بعض ما أنزل الله إليك ، أى عن حكم الله الذي يحكم به محمّد (فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) : فيقتلهم ويجليهم ويخزيهم وتؤخذ منهم الجزية بالصّغار والذّلّ ، ففعل الله ذلك بهم.
ذكروا عن جابر بن عبد الله أنّ رسول الله أمر أن يخرج اليهود من جزيرة العرب.
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لئن عشت إن شاء الله لأخرجنّ اليهود من جزيرة العرب حتّى لا يبقى فيها إلّا مسلم (١). فمات قبل أن يفعل.
(وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ) (٤٩) : يعني اليهود وغيرهم من الكفّار ، وهو فسق فوق فسق ، وفسق دون فسق ، وكفر فوق كفر.
ثمّ قال : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) : أى : ما خالف كتاب الله وحكمه فهو حكم الجاهليّة. قال : (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٥٠) : أى لا أحد أحسن من الله حكما.
ثمّ قال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) : [أي في الدين] (٢) (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ
__________________
(١) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير ، باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، عن عمر بن الخطّاب (رقم ١٧٦٧) ولفظه : «لأخرجنّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتّى لا أدع إلّا مسلما». وأخرجه أيضا أبو داود والترمذيّ وأحمد ، كما أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلّام عن جابر. وزاد جابر : «فأخرجهم عمر». انظر خبر إجلاء اليهود والنصارى والمشركين وأهل نجران في كتاب الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلّام ، ص ١٢٧ ـ ١٣٠.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٨٤.