الظَّالِمِينَ) (٥١).
قوله : (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) : يعني المنافقين (يُسارِعُونَ فِيهِمْ) : أى في أهل الكتاب ، أى يسارعون في مودّتهم ونصيحتهم (يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ) : لليهود فينصروا علينا ، فنكون قد اتّخذنا بيننا وبينهم مودّة.
قال الله : (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) : أى على أهل الكتابين (أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ) : يقول : فيباين المنافقون بنفاقهم فيقتلون. (فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ) : أى على ما أسرّوا في أنفسهم من موادّتهم لليهود ومن غشّهم للإسلام (نادِمِينَ) (٥٢). وهم أناس من اليهود كانوا يوادّون اليهود ويناصحونهم دون المؤمنين. قال الله : (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) ، أى : بالفصل. وقال مجاهد : (نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ) أى : نخشى أن تكون الدائرة لليهود. قال الله (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) حينئذ. وفي تفسير الكلبيّ في هذه الآية : إنّها نزلت وقد علم الله أنّ المؤمنين براء من ولاية اليهود والنصارى. قال : (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) يعني المنافقين (يُسارِعُونَ فِيهِمْ) أى في مودّة اليهود ، فجاء الله بالفتح فنصر نبيّه ، وجاء أمر الله من عنده ، فأجلى بني النضير ، وقتل بني قريظة وسبى ذراريهم ، فندم المنافقون حين باينوا بنفاقهم وأظهروه للمؤمنين. ولّما أجلى بني النضير وأجلى أهل ودّهم عن أرضهم : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا) فعند ذلك قال الذين آمنوا بعضهم لبعض : (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ) (٥٣).
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) : هو كقوله : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح : ٢٩](يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٥٤).
قال بعضهم : أنزل الله هذه الآية وقد علم أنّه سيرتدّ مرتدّون (١). فلمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ارتدّ الناس عن الإسلام إلّا أهل ثلاثة مساجد ، مسجد المدينة ، ومسجد مكّة ، ومسجد جواثا (٢)
__________________
(١) كذا في د : «مرتدّون» ، وفي ع : «سيرتدّ من يرتدّ».
(٢) جواثا ، أو جؤاثى ، حصن لعبد القيس بالبحرين ، وقيل : إن جواثا أوّل موضع جمعت فيه الجمعة بعد ـ