الدِّماءَ) (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) : [أي : نصلّي لك في تفسير بعضهم] (١) (قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) (٣٠).
وفي تفسير بعض أهل العلم أنّ الملائكة قد علمت من علم الله أنّه ليس شيء أكره إليه من سفك الدماء والفساد في الأرض والمعاصي ، (قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) (٣٠) قال : علم الله أنّه سيكون من تلك الخليفة أنبياء ورسل وقوم صالحون يسكنون الجنّة. وقال مجاهد : علم من إبليس المعصية وخلقه لها.
وفي تفسير الكلبي (٢) قال : خلق الله كلّ شيء قبل آدم عليهالسلام ؛ فجعل الملائكة هم عمّار
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة : ٦.
(٢) سنرى في هذا التفسير كثيرا من الأخبار التي تنعت بالإسرائيليّات. وأغلبها مرويّ عن الكلبيّ. والموقف الحازم الذي يجب علينا أن نتبنّاه إزاء هذه الأخبار هو الذي أرشدنا إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيما رواه البخاري في صحيحه من كتاب التفسير ، باب : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا ...) الآية [البقرة : ١٣٦] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الكتاب يقرأون الكتاب بالعبرانيّة ويفسّرونها بالعربيّة لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم و (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا ...) الآية. وفيما رواه أيضا في كتاب بدء الخلق في أبواب الأنبياء ، باب ما ذكر عن بني إسرائيل ، عن عبد الله بن عمرو أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : بلّغوا عنّي ولو آية ، وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار.
فما كان موافقا للقرآن والسنّة الصحيحة قبلناه ، وما خالفهما رفضناه ولا كرامة ، وما عدا ذلك من التفاصيل التي قد تكون وردت في التوراة ، والتي يرويها أمثال عبد الله بن سلّام وكعب الأحبار ، جاز لنا التحدّث بها ، إن كانت للموعظة والذكرى ، بدون تصديق أو تكذيب ، وإلّا فالأسلم الإعراض عنها والاشتغال بما هو أهمّ منها من أحكام شريعتنا وما يفيدنا دنيا وأخرى من الكتاب والسنّة.
والمراجع في موضوع الإسرائيليّات كثيرة. انظر مثلا تفسير ابن كثير ج ١ ص ٨ ، وابن حجر ، فتح الباري ج ٦ ص ٤٩٨ ـ ٤٩٩ ، وانظر ابن تيمية ، مقدّمة في أصول التفسير ، تحقيق الدكتور عدنان زرزور ، نشر دار القرآن الكريم بالكويت ، ١٣٩١ ه / ١٩٧١ م ، ومحمّد حسين الذهبي ، التفسير والمفسّرون ج ٢ ص ١٦٥ ، نشر دار الكتب الحديثة ـ القاهرة ، ١٣٨١ ه / ١٩٦١ م. واقرأ فصلا مهمّا حول الإسرائيليّات عند ابن سلّام للدكتور إسماعيل جراح أو غلو في كتابه : يحيى بن سلّام ومنهج تفسيره ، نشر كلّيّة الإلهيّات ، جامعة أنقرة ، ١٩٧٠ ، ص ١٤٠ ـ ١٥٤. المحقّق.