من مكّة دحيت الأرض. ذكروا عن مجاهد قال : كان البيت قبل الأرض بألفي عام ، ومدّت الأرض من تحته.
ذكروا عن ابن عبّاس في قوله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) [البقرة : ٢٩].
وعن قوله : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) (٣٠) [النازعات : ٢٧ ـ ٣٠] قال : إنّه خلق الأرض ثمّ خلق السماوات ، ثمّ عاد فدحا الأرض وخلق فيها جبالها وأنهارها وأشجارها ومرعاها ، ثمّ استوى إلى السماء. وقوله هنا : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) صلة : يقول : خلق الأرض ثمّ خلق السماء.
وذكروا عن الحسن أنّه قال : لّما خلق الله الأرض جعلت تميد (١) فلمّا رأت ذلك ملائكة الله قالوا : ربّنا هذه الأرض لا يقرّ لك على ظهرها خلق ؛ فأصبح وقد وتدها (٢) بالجبال. فلمّا رأت ملائكة الله ما أرسيت به الأرض قالوا : ربّنا هل خلقت خلقا أشدّ من الجبال؟ قال : نعم ، الحديد. قالوا : ربّنا هل خلقت خلقا أشدّ من الحديد؟ قال : نعم ، النار.
قالوا : ربّنا هل خلقت خلقا هو أشدّ من النار؟ قال : نعم ، الماء. قالوا : ربّنا هل خلقت خلقا أشدّ من الماء؟ قال : نعم ، الريح. قالوا : ربّنا هل خلقت خلقا هو أشدّ من الريح؟ قال : نعم ، ابن آدم.
قوله : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) : في تفسير الحسن أنّ الله أخبر الملائكة أنّه جاعل في الأرض خليفة ، وأنّ من ولده من يسفك الدماء فيها ، فقالوا : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ
__________________
ـ الشيء أدحاه دحيا لغة في دحوته».
(١) في المخطوطات الثلاث ق وع ود : «تميع» وهو خطأ صوابه ما أثبته : «تميد» بمعنى تتحرّك وتضطرب. وبهذا اللفظ ورد في القرآن في قوله تعالى : (وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ) [الأنبياء : ٣١].
(٢) كذا في د : «وتدها» ، وفي ق وع : «ربطها». واللفظ الأوّل أفصح ؛ لأنّ القرآن ورد به في قوله تعالى : (وَالْجِبالَ أَوْتاداً) [النبأ : ٧]. والفعل منه : وتدته أنا أتده وتدا وتدة ، بمعنى أثبتّه. انظر اللسان : (وتد).