بالأنبياء كلّهم ، لا نفرّق بين أحد منهم. وقال بعضهم : ما أمر الله به من صلة القرابة.
قال : (وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) : والفساد فيها العمل بمعاصي الله ، وأعظم المعاصي الشرك. (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٢٧) : أى : خسروا أنفسهم أن يغنموها فيصيروا في الجنّة فصاروا في النار ، وخسروا أنفسهم من الحور العين. وتفسيره في سورة الزمر (١).
ثمّ قال : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٢٨) : يعني كنتم أمواتا في أصلاب (٢) آبائكم ، نطفا في تفسير بعضهم ، وفي تفسير الكلبيّ : نطفا وعلقا ومضغا وعظاما ، ثمّ أحياهم فأخرجهم إلى الدنيا ، ثمّ أماتهم ، ثمّ يحييهم يوم القيامة. وهو قوله : (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) [غافر : ١١]. وعلى هذا أمر العامّة. فأمّا خواصّ من الناس فقد أميتوا عقوبة ؛ صعق بهم ، ثمّ بعثوا حتّى استوفوا بقيّة آجالهم ، وليس ببعث النشور. منهم السبعون الذين كانوا مع موسى ، وتفسيره في سورة الأعراف ، وعزير ، و (الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ) [البقرة : ٢٤٣] وتفسير ذلك في غير هذا الموضع بعد هذا. وقد أحيى الله أقواما عبرة للناس وليس بحياة النشور ؛ منهم أصحاب الكهف ، وصاحب بقرة بني إسرائيل ، ومن كان يحيي عيسى عليهالسلام بإذن الله ، ثمّ أماتهم الله مكانهم ، فلم يعيشوا ولم يأكلوا ولم يشربوا.
قوله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ) : أى سخّر لكم (ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٢٩) : في تفسير بعض أهل العلم أنّ الله خلق السماوات قبل الأرض ، ثمّ خلق الأرض ثمّ استوى إلى السماء. وفي تفسير الحسن أنّه كان بدء خلق الله الأرض قبل أن يبسطها ؛ كانت في موضع واحد ، موضع بيت المقدس ، ثمّ خلق السماوات ، ثمّ بسط الأرض فقال لها : انبسطي أنت كذا ، وانبسطي أنت كذا.
ذكروا عن عطاء أنّه قال : بلغني أنّ الأرض دحيت دحيا (٣) من تحت الكعبة. وقال بعضهم :
__________________
(١) يريد قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) [الزمر : ١٥].
(٢) كذا في ق : «أصلاب» ، وفي ع ود : «أصلبة» ، وكلاهما صحيح.
(٣) كذا ورد هذا المصدر «دحيا» في المخطوطات الثلاث ق ، ع ، ود. وأفصح منه «دحوا» كما ورد في اللسان ، وفي مفردات الراغب الأصبهاني ، وفي أساس البلاغة للزمخشري : دحا. وزاد صاحب اللسان : «دحيت ـ