فكان أوّل شيء تكلّم به. فردّ الله عليه عند ذلك : يرحمك الله ، لهذا خلقتك ؛ لكي تسبّح باسمي وتقدّس لي. ذكر بعضهم قال : لّما نفخ في آدم الروح فعطس فحمد ربّه قال الله له : يرحمك ربّك ، فكانت هي الرحمة التي سبقت لآدم عليهالسلام.
قوله : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢١) : [قال مجاهد] (١) : خلق الله آدم آخر ساعة النّهار ، من يوم الجمعة ، من بعد ما خلق الخلق كلّهم. قال الكلبيّ : ثمّ علّمه الأسماء كلّها ، أسماء الخلق. ثمّ إنّ الله حشر عليه الدوابّ كلّها والسّباع والطيور وما ذرأ في الأرض ثمّ قال للملائكة : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢١). قال بعضهم : إن كنتم صادقين أنّي أجعل فيها من يفسد فيها ؛ أى : إنّ منهم من يعمل بطاعتي. علّمه أسماء هم باللغة السريانيّة سرّا من الملائكة.
(قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (٣٢) ثمّ (قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) : فقال آدم : هذا كذا وهذا كذا ، فسمّى كلّ نوع باسمه : هذا هكذا ، وهذا هكذا. قال بعضهم : سمّى كلّ شىء باسمه وألجأه إلى جنسه.
قال : (فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ) : آدم (بِأَسْمائِهِمْ قالَ) : الله للملائكة (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (٣٣) : أمّا الذي أبدوا فحين قال إبليس لأصحابه : أرأيتم إن فضّل عليكم ما أنتم فاعلون؟ قالوا : نطيع أمر ربّنا ، فهذا الذي أبدوا ، وأمّا الذي كتموا فالذي أسرّ إبليس في خاصّة نفسه من المعصية.
وتفسير الحسن وغيره في هذا الحرف : (وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (٣٣) : أنّهم لّما قال الله : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) قالوا فيما بينهم : ما الله بخالق خلقا أكرم عليه منّا ولا أعلم منّا ، فهو الذي كتموا. قال : فابتلوا بخلق آدم. وكلّ شىء مبتلى كما ابتليت السماوات والأرض فقال : (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) [فصّلت : ١١].
قوله : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) (٣٤) : يعني أنّ الطاعة كانت لله ، والسجدة كانت لآدم. [قال بعضهم] (٢) : أكرم
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٧.
(٢) زيادة لا بدّ منها. والقول لقتادة كما في ز ، ورقة ٧.