الله آدم بأن أسجد له ملائكته فسجدوا إلّا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين.
تفسير الحسن أنّه لم يكن كافر قبله ، كما أنّ آدم كان من الإنس ولم يكن إنسيّ قبله. وقال بعضهم : خلق الله الخلق شقيّا وسعيدا : فكان إبليس ممّن خلق الله شقيّا ، فلمّا أمر بالسجود له أبى واستكبر وكان من الكافرين ، أى : كان ممّن خلقه الله شقيّا بفعله الذي شقي به إذ ترك السجود لآدم.
وقال بعضهم : تفسير «كان» في هذا الموضع صار ؛ يقول : أبى إبليس واستكبر وصار بإبائه السجود واستكباره كافرا. وهذا أولى كلّ تأويل تأوّلوه بالحقّ.
وتفسير آدم أنّ الله خلقه من أديم الأرض (١). وتفسير المرأة أنّها خلقت من المر (٢).
ذكر عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : خلق الله آدم من طينة من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ؛ منهم الأبيض والأحمر والأسود ، والسهل والحزن ، والحسن والقبيح (٣) ، والخبيث والطيّب (٤). ذكروا عن ابن عبّاس قال : خلق الله آدم من طينة بيضاء وحمراء وسوداء.
قوله : (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما) : أى لا حساب عليكما فيه. (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) (٣٥) : لأنفسكما
__________________
(١) هذا وجه من وجوه اشتقاق اسم آدم. وهنالك وجه آخر مال إليه كثير من المحقّقين اللغويّين ، وهو أنّ اسم آدم جاء على وزن «أفعل» وهو من صيغ الألوان. والأدمة لون معروف ، وهذا ما ذهب إليه أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد في كتابه الاشتقاق ص ٧١. قال : «واشتقاق (آدم) من شيئين : إمّا من قولهم : رجل آدم بيّن الأدمة ، وهي سمرة كدرة. أو تكون من قولهم : ظبي آدم وجمل آدم. والآدم من الظباء الطويل القوائم والعنق ، الناصع بياض البطن ، المسكي الظهر. وهي ظباء السفوح». وانظر اللسان (أدم) ، ففيه خلاصة هذه الآراء ، ثمّ انظر ابن فارس : مجمل اللغة ج ١ ص ١٧٥.
(٢) كذا وردت الكلمة : «المر» في ع وفي د. ولم أهتد لمعنى الكلمة ، ولا لأصل كلمة المرأة فيما بين يديّ من معاجم اللغة إلّا ما ذكر من أنّ المرأة مؤنث المرء ، انظر اللسان : (مرأ.)
(٣) كذا في د : «الحسن والقبيح» ، وفي ع : «الجميل والقبيح».
(٤) حديث حسن صحيح ، أخرجه أحمد وأبو داود ، والحاكم والبيهقيّ. وأخرجه الترمذىّ في أبواب التفسير ، وهو أوّل حديث فيما جاء في تفسير سورة البقرة.