بخطيئتكما. وقال في آية أخرى : (هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى) (١٢٠) [طه : ١٢٠].
ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : الشّجرة التي نهى عنها آدم وحواء هي السنبلة. وقال بعضهم : هي التينة.
قوله : (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ) : قال بعضهم : بلغنا أنّ إبليس دخل في الحيّة فكلّمهما منها. وكانت أحسن الدوابّ فمسخها الله ، وردّ قوائمها في جوفها وأمشاها على بطنها.
وقال الكلبيّ : دعا حوّاء من باب الجنّة فناداها ، فدعاها إلى أكل الشجرة ، وقال : أيّكما أكل منها قبل صاحبه كان هو المسلّط على صاحبه.
وتفسير الحسن أنّه وسوس إليهما من الأرض. قال : ولم يكن له أن يلبث فيها بعد قول الله : (فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) (٣٤) [الحجر : ٣٤].
قال الكلبيّ : فابتدرا الشجرة ، فسبقته حوّاء ، وأعجبهما حسن الشجرة وثمرتها ، فأكلت منها وأطعمت آدم. فلمّا أكلا منها بدت لهما سوءاتهما. وكانا كسيا الظفر ، فبدت سوءاتهما وأبصر كلّ واحد منهما ما كان ووري عنه من سوأته فاستحييا (١) ، (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) [الأعراف : ٢٢] يرقّعانه كهيئة الثوب ليواريا سواءتهما. ثمّ (وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٢٢) [الأعراف : ٢٢] أى : بيّن العداوة. فاعتلّ آدم بحوّاء ، وقال : هي أطعمتني فأكلته.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لولا بنو إسرائيل ما خنز لحم وما أنتن طعام ، ولو لا حوّاء لم تخن أنثى زوجها (٢).
__________________
(١) كذا في د : «استحييا» ، وفي ق وع : «استحيا» وكلاهما صحيح ففي اللسان : «يقولون استحيا» منك واستحياك ، واستحى منك واستحاك). وفي صحاح الجوهري : «قال أبو الحسن الأخفش : استحى بياء واحدة لغة تميم ، وبياءين لغة أهل الحجاز ، وهو الأصل».
(٢) حديث متّفق على صحّته ؛ أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق ، باب قول الله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ، وأخرجه مسلم في كتاب الرضاع ، باب : لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر (رقم ١٤٧٠). كلاهما يرويه عن أبي هريرة.