محدودة المدارك ..
كما تحدّث الإمام في آخر المقطع عن الأوامر والنواهي التي صدرت من الشارع ، فقد ذهبت العدلية من الإمامية والمعتزلة إلى أنّ الأمر من الشارع لم يتعلّق إلاّ بشيء حسن ، فيه مصلحة تعود على العباد ، ولم ينه عن شيء إلاّ وهو قبيح وفيه مفسدة كامنة تعود بالضرر على الناس ..
ثمّ يستمر الإمام عليهالسلام في وصيّته الخالدة قائلا :
يا بنيّ! إنّي قد أنبأتك عن الدّنيا وحالها ، وزوالها وانتقالها ، وأنبأتك عن الآخرة وما أعدّ لأهلها فيها ، وضربت لك فيهما الأمثال ، لتعتبر بها ، وتحذو عليها. إنّما مثل من خبر الدّنيا كمثل قوم سفر نبا بهم منزل جديب ، فأمّوا منزلا خصيبا وجنابا مريعا ، فاحتملوا وعثاء الطّريق ، وفراق الصّديق ، وخشونة السّفر ، وجشوبة المطعم ، ليأتوا سعة دارهم ، ومنزل قرارهم ، فليس يجدون لشيء من ذلك ألما ، ولا يرون نفقة فيه مغرما. ولا شيء أحبّ إليهم ممّا قرّبهم من منزلهم ، وأدناهم من محلّتهم.
ومثل من اغترّ بها كمثل قوم كانوا بمنزل خصيب ، فنبا بهم إلى منزل جديب ، فليس شيء أكره إليهم ولا أفظع عندهم من مفارقة ما كانوا فيه ، إلى ما يهجمون عليه ، ويصيرون إليه ...
تحدّث الإمام عليهالسلام في هذا المقطع عن فناء الدنيا وزوالها ، وأنّ الدار الآخرة هي دار الخلود والبقاء ، وحذّر عليهالسلام من حبّ الدنيا والغرور بها ، وضرب لذلك بعض الأمثال الهادفة إلى الاستقامة ، ونبذ التهالك في حبّ الدنيا التي ليس وراءها