وفي هذه الكلمات أعرب الإمام عليهالسلام أنّ الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أنبأ عن الله تعالى بما لم ينبّئ عنه أحد قبله ، فقد أخبر عن قدرة الله تعالى اللاّمتناهية ، وعن علمه كذلك ، وعن صفاته الثبوتية والسلبية ، فهو رائد التوحيد ، وداعية الله الأكبر في الأرض ، واللازم أن يتّخذه إلى النجاة قائدا وهاديا ومرشدا. ويستمر الإمام في عرض وصيّته قائلا :
واعلم يا بنيّ! أنّه لو كان لربّك شريك لأتتك رسله ، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ، ولعرفت أفعاله وصفاته ، ولكنّه إله واحد كما وصف نفسه ، لا يضادّه في ملكه أحد ، ولا يزول أبدا ولم يزل.
أوّل قبل الأشياء بلا أوّليّة ، وآخر بعد الأشياء بلا نهاية.
عظم عن أن تثبت ربوبيّته بإحاطة قلب أو بصر. فإذا عرفت ذلك فافعل كما ينبغي لمثلك أن يفعله في صغر خطره ، وقلّة مقدرته ، وكثرة عجزه ، وعظيم حاجته إلى ربّه ، في طلب طاعته ، والخشية من عقوبته ، والشّفقة من سخطه ؛ فإنّه لم يأمرك إلاّ بحسن ، ولم ينهك إلاّ عن قبيح ...
تحدّث الإمام عليهالسلام في هذا المقطع الذهبي من كلامه عن بعض قضايا التوحيد وهي :
١ ـ نفي الشريك عن الله تعالى في خلقه للأكوان ، وإحاطته التامّة بجميع شئون الموجودات ، ولو كان له تعالى شريك لأتت به رسله ورأينا آثار ملكه التي تدلّ على وجوده ، إنّه ليس هناك إلاّ إله واحد لا شريك له.
٢ ـ أنّ الله تعالى الخالق المبدع الذي لا أوّلية له ، ولا ابتداء لوجوده ، كما أنّه الآخر بلا نهاية له ، أمّا تفصيل هذه البحوث والاستدلال عليها فقد عرضت لها كتب الكلام ..
٣ ـ أنّ الخالق العظيم أعظم من أن تحيط بمعرفته القلوب والأبصار التي هي