والمبطئ عليها أقبح حالا من المسرع ، وأنّ مهبطك بها لا محالة إمّا على جنّة أو على نار ، فارتد لنفسك (١) قبل نزولك ، ووطّئ المنزل قبل حلولك ، « فليس بعد الموت مستعتب » ، ولا إلى الدّنيا منصرف ...
إنّ الإنسان أمامه عقبة كئود تحفّ بها المخاطر والأهوال والشدائد فعليه أن ينقذ نفسه فلا يقترف ما يبعده عن الله تعالى ، وعليه أن يمهّد الطريق لرضاه. ويأخذ الإمام في وصيّته قائلا :
واعلم أنّ الّذي بيده خزائن السّماوات والأرض قد أذن لك في الدّعاء ، وتكفّل لك بالإجابة ، وأمرك أن تسأله ليعطيك ، وتسترحمه ليرحمك ، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه ، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه ، ولم يمنعك إن أسأت من التّوبة ، ولم يعاجلك بالنّقمة ، ولم يعيّرك بالإنابة ، ولم يفضحك حيث الفضيحة بك أولى ، ولم يشدّد عليك في قبول الإنابة ، ولم يناقشك بالجريمة ولم يؤيسك من الرّحمة ، بل جعل نزوعك عن الذّنب حسنة ، وحسب سيّئتك واحدة ، وحسب حسنتك عشرا ، وفتح لك باب المتاب ، وباب الاستعتاب ؛ فإذا ناديته سمع نداك ، وإذا ناجيته علم نجواك ، فأفضيت إليه بحاجتك ، وأبثثته ذات نفسك ، وشكوت إليه همومك ، واستكشفته كروبك ، واستعنته على أمورك ، وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره ، من زيادة الأعمار ، وصحّة الأبدان ، وسعة الأرزاق. ثمّ جعل في يديك
__________________
(١) فارتد لنفسك : أي ابعث لك رائدا من طيّبات الأعمال.