أخّر الشّرّ فإنّك إذا شئت تعجّلته ، وقطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل. من أمن الزّمان خانه ، ومن أعظمه أهانه. ليس كلّ من رمى أصاب. إذا تغيّر السّلطان تغيّر الزّمان. سل عن الرّفيق قبل الطّريق ، وعن الجار قبل الدّار ...
وحوت هذه البنود المشرقة آيات محكمات من الوصايا القيّمة ، والنصائح الرفيعة التي هي من ذخائر الحكمة ومن مناجم الآداب ، والتي لم يؤثر مثلها من أحد من عظماء الدنيا سوى الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد وضعت المناهج الكاملة لحسن السلوك ، ولما يسمو به ويسعد به هذا الكائن الحيّ من بني الإنسان .. ولنقرأ البند الأخير من هذه الوصية ، قال عليهالسلام :
إيّاك أن تذكر من الكلام ما يكون مضحكا ، وإن حكيت ذلك عن غيرك.
وإيّاك ومشاورة النّساء فإنّ رأيهنّ إلى أفن (١) ، وعزمهنّ إلى وهن.
واكفف عليهنّ من أبصارهنّ بحجابك إيّاهنّ ، فإنّ شدّة الحجاب أبقى عليهنّ ، وليس خروجهنّ بأشدّ من إدخالك من لا يوثق به عليهنّ ، وإن استطعت ألاّ يعرفن غيرك فافعل. ولا تملّك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها ، فإنّ المرأة ريحانة ، وليست بقهرمانة (٢). ولا تعد بكرامتها نفسها ، ولا تطمعها في أن تشفع لغيرها. وإيّاك والتّغاير في غير موضع غيرة (٣) ، فإنّ ذلك يدعو الصّحيحة إلى السّقم ، والبريئة إلى الرّيب.
واجعل لكلّ إنسان من خدمك عملا تأخذه به ، فإنّه أحرى ألاّ يتواكلوا
__________________
(١) الأفن : ضعف الرأي.
(٢) القهرمان : الذي يحكم في الامور ويتصرّف فيها بأمره.
(٣) التغاير : إظهار الغيرة على المرأة بسوء الظنّ فيها من غير موجب.