وألمّ هذا الحديث الشريف بأنواع طلبة العلم وحكى أهدافهم ، فبعضهم يطلبه لأغراضه الشخصية من دون أن يبتغي به رضا الله تعالى والدار الآخرة ، وهؤلاء هم الأخسرون عملا ، وأكّد الإمام هذا المعنى في حديث آخر له قال :
« لو أنّ حملة العلم حملوه بحقّه لأحبّهم الله وأهل طاعته من خلقه ، ولكنّهم حملوه لطلب الدّنيا فمقتهم الله وهانوا على النّاس » (١).
إنّ من يطلب العلم ويتحمّل الجهد الشاقّ في سبيله إن كان هدفه رضا الله والدار الآخرة فاز في دنياه وآخرته ، وإن كان هدفه رغبات الدنيا والتفوّق على غيره فقد خسر خسرانا مبينا.
ذمّ أهل الرأي :
ذمّ الإمام عليهالسلام أهل الرأي الذين يفتون بآرائهم من دون علم قال عليهالسلام :
« ترد على أحدهم القضيّة في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ، ثمّ ترد تلك القضيّة بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله ، ثمّ يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الّذي استقضاهم ، فيصوّب آراءهم جميعا ـ وإلههم واحد! ونبيّهم واحد! وكتابهم واحد! أفأمرهم الله ـ سبحانه ـ بالاختلاف فأطاعوه!
أم نهاهم عنه فعصوه!
أم أنزل الله سبحانه دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه!
أم كانوا شركاء له ، فلهم أن يقولوا ، وعليه أن يرضى؟
أم أنزل الله سبحانه دينا تامّا فقصّر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم عن
__________________
(١) بحار الأنوار ٢ : ٣٧.