الفكر البشري من إدراكها ، فسبحان المصوّر الذي خلق الطاوس بهذه الكيفيّة التي يقصر الوصف عن بيانها إلاّ أنّ باب مدينة علم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أحاط بذكر عجائب هذا الطائر الغريب في شكله والعجيب في خلقته.
الخفّاش :
وصف الإمام الخفّاش وصفا دقيقا وملمّا بجميع خواصّه وصفاته قال عليهالسلام : « ومن لطائف صنعته ، وعجائب خلقته ، ما أرانا من غوامض الحكمة في هذه الخفافيش الّتي يقبضها الضّياء الباسط لكلّ شيء ، ويبسطها الظّلام القابض لكلّ حيّ ؛ وكيف عشيت أعينها (١) عن أن تستمدّ من الشّمس المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها ، وتتّصل بعلانية برهان الشّمس إلى معارفها. وردعها بتلألؤ ضيائها عن المضيّ في سبحات إشراقها (٢) ، وأكنّها في مكامنها عن الذّهاب فى بلج ائتلاقها (٣) ، فهي مسدلة الجفون بالنّهار على أحداقها ، وجاعلة اللّيل سراجا تستدلّ به في التماس أرزاقها ؛ فلا يردّ أبصارها إسداف ظلمته ، ولا تمتنع من المضيّ فيه لغسق دجنّته.
فإذا ألقت الشّمس قناعها ، وبدت أوضاح نهارها (٤) ، ودخل من إشراق نورها على الضّباب في وجارها (٥) ، أطبقت الأجفان على مآقيها ،
__________________
(١) العشا : ضعف البصر.
(٢) سبحات النور : أطواره ودرجاته.
(٣) الاتلاق : اللمعان. البلج : وضوح الضوء وظهوره.
(٤) أوضاح النهار : بياض الصبح.
(٥) الوجار : مكمنها الذي تأوي إليه.