وتبلّغت (١) بما اكتسبته من المعاش في ظلم لياليها.
فسبحان من جعل اللّيل لها نهارا ومعاشا ، والنّهار سكنا وقرارا! وجعل لها أجنحة من لحمها تعرج بها عند الحاجة إلى الطّيران ، كأنّها شظايا (٢) الاذان غير ذوات ريش ولا قصب (٣) ، إلاّ أنّك ترى مواضع العروق بيّنة أعلاما (٤).
لها جناحان لمّا يرقّا فينشقّا ، ولم يغلظا فيثقلا. تطير وولدها لاصق بها لاجئ إليها ، يقع إذا وقعت ، ويرتفع إذا ارتفعت ، لا يفارقها حتّى تشتدّ أركانه ، ويحمله للنّهوض جناحه ، ويعرف مذاهب عيشه ، ومصالح نفسه.
فسبحان الباريء لكلّ شيء ، على غير مثال خلا من غيره! » (٥).
أرأيتم هذا الوصف الدقيق للخفّاش الذي تفرّد عن بقيّة الطيور بخصائصه ومميزاته ، ولم يحط علما بهذه الأوصاف إلاّ باب مدينة علم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي غذّاه النبي بعلومه ومعارفه.
الجراد :
ووصف عليهالسلام خلقة الجراد بقوله :
« وإن شئت قلت في الجرادة ، إذ خلق لها عينين حمراوين ، وأسرج لها
__________________
(١) تبلّغت : اكتفت.
(٢) شظايا : جمع شظية ، وهي شقق الاذن.
(٣) القصب : جمع قصبة ، وهي عمود الريشة.
(٤) أعلاما : ذي رسوم ظاهرة.
(٥) نهج البلاغة : ٤٦.