وبادرت الجلاوزة إلى قطع يديه ورجليه وهو يتكلّم ، فغاظ ذلك زيادا فأمر الجلاوزة بصلبه خنقا ، فقال لهم رشيد :
بقي لي عندكم شيء ما أراكم فعلتموه ـ أراد بذلك قطع لسانه ـ ، فأمر زياد بقطع لسانه.
فقال لهم رشيد : نفّسوا عنّي حتى أتكلّم كلمة واحدة فأمهلوه.
فقال : وهذا تصديق خبر أمير المؤمنين عليهالسلام أخبرني بقطع لساني (١).
ففي ذمّة الله ما عاناه هذا العبد الصالح الذي هو من خيار المؤمنين من الظلم والاعتداء من قبل هؤلاء الفسقة المجرمين.
٤ ـ جويرية بن مسهر العبدي رضياللهعنه :
أمّا جويرية بن مسهر فهو من أفذاذ المؤمنين ، وعلم من أعلام الإسلام ، أخلص للإمام وتولاّه ، وتغذّى ببعض علومه ومعارفه ، دخل على الإمام فكان مضطجعا فقال له جويرية :
أيّها النائم ، استيقظ فلتضربنّ على رأسك تخضب منها لحيتك ، فتبسّم الإمام وأخبره بما يقاسيه من بعده من ولاة الجور قائلا :
« احدّثك يا جويرية بحديثك ، أما والّذي نفسي بيده لتعتلنّ (٢) إلى العتلّ الزّنيم ، وليقطعنّ يدك ورجلك ، وليصلبنّك تحت جذع كافر (٣) » (٤).
__________________
(١) سفينة البحار ٢ : ٣٢٧. بحار الأنوار ٤١ : ١٢٢.
(٢) تعتلن : أي تجذبن.
(٣) الجذع الكافر : القصير.
(٤) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٢ : ٢١٩.