« وفّقت لكلّ خير يا حجر ، جزاك الله خيرا عن أهل بيت نبيّك » (١).
ولمّا أفلت دولة الحقّ ، وقامت دولة الباطل والجور دولة معاوية الذي أقام حكمه على سبّ الإمام وانتقاصه وجعل ذلك فرضا واجبا على ولاته وعمّاله يشيعونه في بلاد المسلمين ، ولمّا ولي المغيرة بن شعبة على الكوفة خطب الناس وتعرّض في خطابه إلى سبّ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، فانبرى إليه حجر كالأسد منكرا عليه قائلا :
كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ، وأنا أشهد أنّ من تذمّون وتعيّرون لأحق بالفضل ، ومن تزكّون أولى بالذمّ.
ووثب قوم من أصحاب حجر فقالوا بمثل مقالته ، فالتفت المغيرة إلى حجر قائلا : يا حجر ، قد رمى بسهمك إذ كنت أنا الوالي عليك. يا حجر ، اتّق غضب السلطان ، اتّق غضبه وسطوته ، فإنّ غضبة السلطان ممّا تهلك أمثالك كثيرا ... (٢).
ولم يزل حجر متحمّسا في ولائه للإمام أمير المؤمنين غير حافل بالأزمات والخطوب التي يعانيها من ولاة معاوية ، وقد قيل للمغيرة : اعدمه ، فامتنع من ذلك ، ولم تزل بطانته تلحّ عليه في قتله فقال لهم :
ـ إنّي قد قتلته ..
ـ كيف ذاك؟
سيأتي أمير بعدي فيحسبه مثلي فيصنع به شبيها بما ترونه يصنع بي ، فيأخذه عند أوّل وهلة فيقتله شرّ قتلة ..
وولي من بعد المغيرة زياد بن أبيه الكوفة فجعل حجر يواصل نشاطه ضدّ
__________________
(١) بحار الأنوار ٢٤ : ٢٩٠.
(٢) تاريخ الطبري ٦ : ١٤٢.