يا أهل الكوفة ، أتشجون بيد وتأسون باخرى ، أبدانكم معي وأهواءكم مع حجر لهجاجة ، الأحمق المذبوب أنتم معي ، واخوانكم وأبناؤكم وعشائركم مع حجر ، هذا والله من دحسكم (١) وغشّكم ، والله لتظهرون لي براءتكم أو لآتينّكم بقوم اقيم بهم أودكم وصعركم (٢).
فانبروا بخنوع وعبودية يظهرون الطاعة لهذا الطاغية قائلين :
معاذ الله سبحانه أن يكون لنا فيما هاهنا رأي إلاّ طاعتك ، وطاعة أمير المؤمنين ـ يعني معاوية ـ وكلّ ما ظنّنا أنّ فيه رضاك ، وما يستبين به طاعتنا وخلافنا لحجر فمرنا به.
وأنس بكلام هؤلاء العبيد فأمرهم بما يلي :
ليقيم كلّ امرئ منكم إلى هذه الجماعة حول حجر فليدع كلّ رجل منكم أخاه وابنه وذا قرابته ومن يطيعه من عشيرته حتى تقيموا عنه كلّ من استطعتم أن تقيموه ..
وقام هؤلاء العبيد بإفساد أمر حجر ، وخذلان أتباعه ، ثمّ أمر زياد مدير شرطته شداد بن الهيثم بإلقاء القبض على حجر وأصحابه ، وضمّ إليه الأثيم محمّد بن الأشعث الكندي ، وقال له :
يا أبا الشعثاء ، أما والله لتأتيني بحجر أو لا أدع لك نخلة إلاّ قطعتها ، ولا دارا إلاّ هدمتها ، ثمّ لا تسلم حتى أقطّعك إربا إربا ..
فقال له : امهلنى ثلاثا حتى أطلبه ، فقال له : أمهلتك ، فإن جئت به وإلاّ عدّ نفسك من الهلكى.
__________________
(١) الدحس : الإفساد.
(٢) الصعر : الميل إلى أحد الشقّين.