الملك؟ قال : هل تعلم لي في الأرض عالما أسأله هل لي من توبة؟ فقال الخباز : إنما مثلك مثل ملك نزل قرية عشاء فصاح الديك فتطيّر منه ، فقال : لا تتركوا في القرية ديكا إلا ذبحتموه ، فلما أراد أن ينام قال لأصحابه : إذا صاح الديك فأيقظوني (١) حتى ندلج ، فقالوا له : وهل تركت ديكا يسمع صوته؟ ولكن هل تركت عالما في الأرض؟ فازداد حزنا وبكاء فلما رأى الخباز ذلك قال له : أرأيتك إن دللتك على عالم لعلك أن تقتله ، قال : لا ، فتوثق عليه الخباز [بالأيمان](٢) فأخبره أن المرأة العالمة عنده ، قال : انطلق بي إليها [حتى](٢) أسألها هل لي من توبة ، وكانت من أهل بيت يعلم الاسم الأعظم ، فإذا فنيت رجالهم علمت نساؤهم ، فلما بلغ طالوت الباب ، قال الخباز : إنها إذا رأتك فزعت ، ولكن ائت خلفي ، ثم دخل عليها فقال لها : ألست أعظم الناس منّة عليك أنجيتك من القتل وآويتك؟ قالت : بلى ، قال : فإن لي إليك حاجة ، هذا طالوت يسأل هل له من توبة ، فغشي عليها من الفرق ، فقال لها [حين أفاقت](٢) : إنه لا يريد قتلك ، ولكن يسألك هل له من توبة؟ قالت : لا والله لا أعلم لطالوت توبة ، [ولكن هل تعلم مكان قبر نبي؟ فقال : نعم ، فانطلق](٣) إلى قبر إشمويل فصلّت ودعت ثم نادت : يا صاحب القبر ، فخرج إشمويل من القبر ينفض رأسه من التراب ، فلما نظر إليهم ثلاثتهم قال : ما لكم؟ أقامت القيامة؟ قالت : لا ولكن طالوت يسألك هل له من توبة ، قال إشمويل : يا طالوت ما فعلت بعدي؟ قال : لم أدع من الشر شيئا إلا أتيته وجئت لأطلب التوبة ، قال له (٤) : كم لك من الولد؟ قال : عشرة رجال ، قال : ما أعلم لك من توبة إلا أن تتخلّى عن ملكك وتخرج أنت وولدك تقاتل في سبيل الله ، ثم تقدم ولدك حتى يقتلوا بين يديك ، ثم تقاتل أنت حتى تقتل آخرهم ، ثم رجع إشمويل إلى القبر وسقط وخرّ ميتا ، ورجع طالوت أحزن ما كان رهبة أن لا يتابعه ولده ، وقد بكى حتى سقطت أشفار عينيه ونحل جسمه ، فدخل على (٥) أولاده فقال لهم : أرأيتم لو دفعت إلى النار هل كنتم تفدونني؟ قالوا : بلى نفديك بما قدرنا عليه ، قال : فإنها النار [آخذة لي](٦) إن لم تفعلوا ما أقول لكم ، قالوا : فاعرض علينا [ما ينجيك منها](٧) ، فذكر لهم القصة ، قالوا : وإنك لمقتول؟ قال : نعم ، قالوا : فلا خير لنا في الحياة بعدك قد طابت أنفسنا بالذي سألت ، فتجهّز بماله وولده فتقدم ولده وكانوا عشرة فقاتلوا بين يديه حتى قتلوا ثم شدّ هو بعدهم للقتال (٨) حتى قتل ، فجاء قاتله إلى داود ليبشّره ، وقال : قتلت عدوّك ، فقال داود : وما أنت بالذي تحيا بعده فضرب عنقه ، فكان ملك طالوت إلى أن قتل أربعين سنة وأتى بنو إسرائيل إلى داود وأعطوه خزائن طالوت وملّكوه على أنفسهم. قال الكلبي والضحاك : ملك داود بعد قتل طالوت (٩) سبع سنين ، ولم يجتمع بنو إسرائيل على ملك واحد إلا على داود ، فذلك قوله تعالى : (وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ) ، يعني : النبوّة ، وجمع الله لداود بين الملك والنبوّة ، ولم يكن (١٠) من قبل [بل](١١) كان الملك في سبط والنبوّة
__________________
(١) في المطبوع «فأيقظونا».
(٢) زيادة من المخطوط.
(٣) العبارة في نسخة ـ ط «ولكن هل تعلمون مكان قبر نبي؟ فانطلق بهما».
وفي المطبوع [ولكن أعلم مكان قبر نبي فانطلقت بهما].
(٤) زيد في المطبوع عقب «له» [كم لك عيال ، يعني] ، وهي زيادة مقحمة.
(٥) في المطبوع «عليه».
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) زيادة عن المخطوط.
(٨) في المخطوط «في الجهاد» بدل «للقتال» ولفظ «للقتال» سقط من ـ ط ـ.
(٩) في المخطوط «جالوت».
(١٠) زيد في المطبوع وحده «كذلك».
(١١) زيادة عن المخطوط.