فهو غشية ثقيلة تقع على القلب تمنع المعرفة بالأشياء ، نفى الله تعالى عن نفسه النوم لأنه آفة وهو منزّه عن الآفات ، ولأنه تغيّر ولا يجوز عليه التغيّر.
[٢٩٥] أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرنا عبد الله بن حامد أخبرنا محمد بن جعفر ، أخبرنا علي بن حرب أخبرنا أبو معاوية أخبرنا الأعمش ، عن عمرو بن مرّة عن أبي عبيدة عن أبي موسى قال :
قام فينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخمس كلمات فقال : «إنّ الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ولكنّه يخفض القسط و [يرفعه](١) يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل ، حجابه النّور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه».
ورواه المسعودي عن عمرو بن مرة ، وقال : «حجابه النار» (١) ، (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ، ملكا وخلقا ، (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) ، بأمره ، (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) ، قال مجاهد وعطاء والسدي : ما بين أيديهم من أمر الدنيا وما خلفهم من أمر الآخرة ، وقال الكلبي : ما بين أيديهم ، يعني : الآخرة لأنهم يقدمون عليها ، وما خلفهم الدنيا لأنهم يخلّفونها وراء ظهورهم ، وقال ابن جريج : ما بين أيديهم : ما مضى أمامهم ، وما خلفهم : ما يكون بعدهم ، وقال مقاتل [بن سليمان](٢) : ما بين أيديهم ما كان قبل [خلق](٣) الملائكة وما خلفهم ، أي : ما كان بعد خلقهم ، وقيل : ما بين أيديهم أي : ما قدّموه من خير وشر ، وما خلفهم ما هم فاعلوه ، (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ) ، أي : من علم الله ، (إِلَّا بِما شاءَ) ، أن يطلعهم عليه ، يعني : لا يحيطون بشيء من علم الغيب إلا بما شاء مما أخبر به الرسل ؛ كما قال الله تعالى : (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) [الجن : ٢٦. ٢٧] ، قوله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ، أي : ملأ وأحاط به ، واختلفوا في الكرسي ، فقال الحسن : هو العرش نفسه ، وقال أبو هريرة رضي الله عنه : الكرسي : موضوع (٤) أمام العرش ، ومعنى قوله : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ، أي : سعته مثل سعة السموات والأرض.
__________________
[٢٩٥] ـ صحيح ، علي بن حرب هو ابن محمد الطائي ، ثقة روى له النسائي ، ومن دونه توبعوا ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم. أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير ، والأعمش هو سليمان بن مهران ، أبو عبيدة هو ابن عبد الله بن مسعود ، مشهور بكنيته ، قيل : لا اسم له ، وقيل : اسمه عامر.
ـ وهو في «شرح السنة» ٩٠ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه مسلم ١٧٩ وابن ماجه ١٩٥ وأحمد (٤ / ٤٠٥) وابن خزيمة في «التوحيد» (ص ١٩) وابن مندة في «الإيمان» ٧٧٦ وابن أبي عاصم في «السنة» ٦١٤. من طرق عن أبي معاوية به ، وقال مسلم : وفي رواية أبي بكر «النار».
ـ وأخرجه ابن خزيمة (ص ١٩) وابن حبان ٢٦٦ وابن مندة ٧٧٨ من طريق العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة به.
ورواية ابن خزيمة وابن مندة «حجابه النار» أما رواية ابن حبان «حجابه النور».
ـ وأخرجه مسلم (١٧٩) ح / ٢٩٥ وابن مندة ٧٧٩ وأحمد (٤ / ٣٩٥) من طريق شعبة عن عمرو بن مرة به مختصرا.
(١) أخرجه ابن ماجه ١٩٦ والطيالسي ٤٩١ وأحمد (٤ / ٤٠١) وابن خزيمة (ص ٢٠) من طريق المسعودي عن عمرو بن مرة به وزاد (ثم قرأ أبو عبيدة أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
والمسعودي قد اختلط بأخرة ، وزيادة هذه الآية لم يتابعه عليها أحد.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط وشرح السنة.
(٢) زيادة من المخطوط.
(٣) زيادة من المخطوط.
(٤) في المخطوط «موضوع».