يَتَسَنَّهْ)، أي : لم يتغيّر ، فكان التين كأنه قطف من ساعته ، [والعصير كأنه عصر من ساعته](١) ، قال الكسائي : كأنه لم تأت عليه السنون ، وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب (لم يتسن) بحذف الهاء في الوصل ، وكذلك (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام : ٩٠] ، وقرأ الآخرون بالهاء فيهما وصلا ووقفا ، فمن أسقط الهاء في الوصل جعل الهاء صلة زائدة ، وقال : أصله يتسنى ، فحذف الياء في الجزم وأبدل منه هاء في الوقف ، وقال أبو عمرو : وهو من التسنّن ، بنونين ، وهو التغيّر ؛ كقوله تعالى : (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) [الحجر : ٢٦ و ٢٨ و ٣٣] ، أي : متغيّر ، فعوّضت من أحد النونين (٢) ياء ؛ كقوله تعالى : (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣)) [القيامة : ٣٣] ، أي : يتمطّط ، وقوله : (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠)) [الشمس : ١٠] ، وأصله : دسسها ، ومن أثبت الهاء في الحالين جعل الهاء أصلية لام الفعل ، وهذا على قول من جعل أصل السنة السنهة ، وتصغيرها سنيهة ، والفعل من المسانهة ، وإنما قال : (لَمْ يَتَسَنَّهْ) ولم يثنه مع [غيره مع](٣) أنه أخبر عن شيئين ردا للمتغيّر إلى أقرب اللفظين به ، وهو الشراب ، واكتفى بذكر أحد المذكورين ، لأنه في معنى الآخر ، (وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ) ، فنظر [إليه] فإذا هو عظام بيض ، فركب الله تعالى العظام بعضها على بعض فكساه اللحم والجلد وأحياه وهو ينظر ، (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ) ، قيل : الواو زائدة مقحمة ، وقال الفراء : أدخلت الواو فيه دلالة على أنها شرط لفعل بعدها معناه : ولنجعلك آية [أي] عبرة ودلالة على البعث بعد الموت ، قاله أكثر المفسّرين ، وقال الضحاك وغيره : إنه عاد إلى قريته شابا وأولاده وأولاد أولاده شيوخ وعجائز ، وهو أسود الرأس واللحية ، قوله تعالى : (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها) ، قرأ أهل الحجاز والبصرة : ننشرها بالراء ، معناه : نحييها ، يقال : أنشر الله الميت إنشارا وأنشره نشورا ، قال الله تعالى : (ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢)) [عبس : ٢٢] ، وقال في اللازم : (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) [الملك : ١٥] ، وقال الآخرون بالزاي ، أي نرفعها من الأرض [ونردها إلى أماكنها من الجسد](٤) ، ونركّب بعضها على بعض ، وإنشاز الشيء : رفعه وإزعاجه ، قال : أنشزته فنشز ، أي : رفعته فارتفع ، واختلفوا في معنى الآية ، فقال الأكثرون : إنه أراد به عظام حماره ، وقال السدي : إن الله تعالى أحيا عزيرا ، ثم قال له : انظر إلى حمارك قد هلك وبليت عظامه ، فبعث الله تعالى ريحا فجاءت بعظام الحمار من كل سهل وجبل ، وقد ذهبت بها الطير والسباع ، فاجتمعت فركّب بعضها في (٥) بعض وهو ينظر [فصار حمارا من عظام ليس فيه لحم ولا دم ، (ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً) ، ثم كسى العظام لحما](٦) فصار حمارا لا روح فيه ، ثم أقبل ملك يمشي حتى أخذ بمنخر الحمار فنفخ فيه ، فقام الحمار ونهق بإذن الله ، وقال قوم : أراد به عظام هذا الرجل ، ذلك أن الله تعالى لم يمت حماره بل أماته هو ، فأحيا الله عينيه ، ورأسه وسائر جسده ميت ، ثم قال له : انظر إلى حمارك فنظر فرأى حماره قائما واقفا كهيئة يوم ربطه حيا لم يطعم ولم يشرب مائة عام ، ونظر إلى الزمة (٧) في عنقه جديدة لم تتغيّر ، وتقرير (٨) الآية : وانظر إلى حمارك وانظر إلى عظامك كيف ننشزها ، [هذا قول قتادة والضحّاك وفي الآية تقديم وتأخير وتقديرها : وانظر إلى حمارك ، وانظر إلى العظام كيف ننشزها ، ولنجعلك آية للناس](٩) ، وقال (١٠) قتادة عن كعب والضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما ، والسدي
__________________
(١) زيد في المطبوع و ـ ط.
(٢) في المطبوع «النون».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٥) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٦) سقط من المخطوط.
(٧) كذا في المطبوع و ـ ط. والرمة : قطعة من حبل. وفي المخطوط : الزمة. ما يشد به البعير.
(٨) في المطبوع «وتقدير».
(٩) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(١٠) في المطبوع «وهذا قول».