عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما : لمّا أحيا الله تعالى عزيرا بعد ما أماته مائة سنة ركب حماره حتى أتى محلته فأنكره الناس [وأنكر هو الناس](١) وأنكر منازله ، فانطلق على وهم منه حتى أتى منزله فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أتى عليها مائة وعشرون سنة كانت عرفته وعقلته ، فقال لها عزير : يا هذه هذا منزل عزير؟ قالت : نعم هذا منزل عزير وبكت ، وقالت : ما رأيت أحدا من كذا وكذا سنة يذكر عزيرا ، فقال لها : فإني أنا عزير ، قالت : سبحان الله فإنّ عزيرا قد فقدناه منذ (٢) مائة سنة لم نسمع له بذكر ، قال : فإني أنا عزير إن الله تعالى أماتني مائة سنة ثم بعثني ، قالت : فإن عزيرا كان رجلا مستجاب الدعوة ويدعو للمريض ولصاحب العاهة فيبرأ (٣) ، فادع الله أن يردّ عليّ بصري حتى أراك ، فإن كنت عزيرا عرفتك ، فدعا ربّه ومسح بيده على عينيها فصحّتا وأخذ بيدها ، وقال : قومي بإذن الله تعالى ، فأطلق الله رجليها فقامت صحيحة فنظرت إليه فقالت : أشهد أنك عزير ، فانطلقت إلى بني إسرائيل ، وهم في أنديتهم ومجالسهم ، وابن لعزير شيخ كبير ابن مائة سنة وثماني عشرة سنة ، وبنو بنيه شيوخ في المجلس ، فنادت هذا عزير قد جاءكم فكذّبوها ، فقالت : أنا فلانة مولاتكم ، دعا لي ربّه فردّ عليّ بصري وأطلق رجلي ، وزعم أن الله كان أماته مائة سنة ثم بعثه ، [قال] فنهض الناس فأقبلوا إليه فقال ولده : كان لأبي شامة سوداء مثل الهلال بين كتفيه ، فكشف عن كتفيه فإذا هو عزير [والشامة بين كتفيه](٤) ، وقال السدي والكلبي : لما رجع عزير إلى قريته ، وقد أحرق بختنصر التوراة ولم يكن من الله عهد بين الخلق فبكى عزير على التوراة ، فأتاه ملك بإناء فيه ماء فسقاه من ذلك الماء فمثلت (٥) التوراة في صدره فرجع إلى بني إسرائيل وقد علمه الله التوراة ، وبعثه نبيا فقال : أنا عزير فلم يصدّقوه ، فقال : إني عزير قد بعثني الله إليكم لأجدّد لكم توراتكم ، قالوا : أملها علينا فأملاها عليهم عن ظهر قلبه ، فقالوا : ما جعل الله التوراة في صدر رجل بعد ما ذهبت إلا أنه ابنه ، فقالوا : عزير ابن الله ، وستأتي القصة [بتمامها](٦) في سورة براءة إن شاء الله تعالى ، (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ) ذلك عيانا ، (قالَ أَعْلَمُ) ، قرأ حمزة والكسائي مجزوما موصولا على الأمر على معنى قال الله تعالى له : اعلم ، وقرأ الآخرون (أَعْلَمُ) بقطع الألف ورفع الميم على الخبر عن عزير أنه قال لما رأى ذلك : أعلم ، (أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٦٠))
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) ، قال الحسن وقادة وعطاء الخراساني والضحاك وابن جريج : كان سبب هذا السؤال من إبراهيم عليهالسلام أنه مرّ على دابّة ميتة ، قال ابن جريج : كانت جيفة حمار بساحل البحر ، قال عطاء (٧) : بحيرة طبرية ، قالوا : فرآها وقد توزعتها دواب البحر والبر ، فكان إذا مدّ البحر جاءت الحيتان ودواب البحر فأكلت منها ، فما وقع منها يصير في البحر ،
__________________
(١) زيادة من المخطوط.
(٢) في المطبوع «من».
(٣) في المطبوع «البلاء بالعافية» بدل «العاهة فيبرأ».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المخطوط «فمكثت».
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) زيد في المطبوع «في».