تعالى : (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) ، يعني : من كان مرضيا في ديانته وأمانته. وشرائط قبول الشهادة سبعة : الإسلام ، والحرية ، والعقل ، والبلوغ ، والعدالة ، والمروءة ، وانتفاء التهمة ، فشهادة الكافر مردودة ، لأن المعروفين بالكذب على (١) الناس لا تجوز شهادتهم ، فالذي يكذب على الله تعالى أولى أن يكون مردود الشهادة ، وجوّز أصحاب الرأي شهادة أهل الذمّة بعضهم على بعض ، ولا تقبل شهادة العبيد ، وأجازها شريح وابن سيرين ، وهو قول أنس بن مالك رضي الله عنه ، ولا قول للمجنون حتى يكون له شهادة ، ولا يجوز شهادة الصبيان ، سئل ابن عباس رضي الله عنه عن ذلك فقال : لا يجوز لأن الله تعالى يقول : (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) ، والعدالة شرط ، وهي أن يكون الشاهد مجتنبا للكبائر غير مصرّ على الصغائر ، والمروءة شرط ، وهي ما يتّصل بآداب النفس مما يعلم أن تاركه قليل الحياء ، وهي حسن الهيئة والسيرة والعشرة والصناعة ، فإن كان الرجل يظهر من نفسه شيئا مما يستحي أمثاله من إظهاره في الأغلب يعلم به قلّة مروءته ، وتردّ شهادته ، وانتفاء التهمة شرط حتى لا تقبل شهادة العدوّ على العدوّ (٢) ، وإن كان مقبول الشهادة على غيره لأنه متّهم في حق عدوّه ، ولا تقبل شهادة الرجل لولده ووالده وإن كان مقبول الشهادة عليهما ، ولا تقبل شهادة من يجرّ إلى نفسه بشهادته نفعا ، كالوارث يشهد (٣) على رجل بقتل مورّثه ، أو يدفع عن نفسه بشهادته ضررا كالمشهود عليه يشهد بجرح من شهد عليه لتمكّن التهمة في شهادته.
[٣٤٤] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسين المروزي ، أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سراج
__________________
[٣٤٤] ـ صدره حسن. إسناده ضعيف لضعف يزيد بن زياد ، لكن لم ينفرد بهذا الأصل ، فقد توبع ، ولصدره إلى قوله «أخيه» شواهد فيها لين. عروة هو ابن الزبير ، والزهري هو محمد بن مسلم بن شهاب.
ـ وهو في «شرح السنة» (٢٥٠٤) بهذا اللفظ وقال : هذا حديث غريب ، ويزيد بن زياد الدمشقي منكر الحديث ، وزاد بعضهم «ولا مجلود حدا».
ـ وأخرجه الترمذي ٢٢٩٨ عن قتيبة ، عن مروان الفزاري به.
وأخرجه الدارقطني ٤ / ٢٤٤ والبيهقي ١٠ / ١٥٥ من طريق يزيد بن زياد به قال الترمذي : فيه يزيد بن زياد الدمشقي يضعف ا ه.
وأخرجه الدار قطني من وجه آخر عن عائشة قال : في إسناده يحيى بن سعيد الفارسي متروك ا ه.
وأورده ابن أبي حاتم في «العلل» (١٤٢٨) وقال : فسمعت أبا زرعة يقول : هذا حديث منكر ولم يقرأ علينا ا ه.
ـ قلت : ويشهد لبعضه حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده بلفظ «لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ، ولا زان ولا زانية ، ولا ذي غمر على أخيه».
ـ أخرجه أبو داود ٣٦٠٠ و ٣٦٠١ وأحمد ٢ / ٢٠٤ و ٢٢٥ و ٢٢٦ والدار قطني ٤ / ٢٤٣ و ٢٤٤ والبيهقي ١٠ / ٢٠٠ والبغوي في «شرح السنة» (٢٥٠٥) وفيه سليمان بن موسى ، وهو صدوق ، وقد توبع على عمرو فقد أخرجه ابن ماجه ٢٣٦٦ وأحمد ٢ / ٢٠٨ والبيهقي ١٠ / ٢٠٠.
ـ وجاء في «تلخيص الحبير» (٤ / ١٩٨ و ١٩٩) ما ملخصه : حديث عمرو بن شعيب سنده قوي وحديث عائشة فيه يزيد بن زياد الشامي ضعيف ، وقال الترمذي : لا يصح عندنا إسناده.
وقال أبو زرعة في «العلل» منكر وضعفه عبد الحق وابن حزم وابن الجوزي ، ورواه الدار قطني والبيهقي من حديث عبد الله بن عمرو ، وفيه عبد الأعلى ، وهو ضعيف ، وشيخه يحيى بن سعيد الفارسي ضعيف. قال البيهقي : لا يصح
__________________
(١) في المطبوع «عند».
(٢) في المخطوط «عدوه».
(٣) كذا في المطبوع و ـ ط. وفي المخطوط «إذا شهد» بدل «يشهد».