الطحان (١) ، أخبرنا أبو أحمد محمد بن قريش بن سليمان ، أخبرنا علي بن عبد العزيز المكي (٢) أخبرنا أبو عبيد القاسم بن سلام أخبرنا مروان الفزاري ، عن شيخ من أهل الجزيرة (١) يقال له يزيد بن زياد عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها ترفعه :
«لا يجوز شهادة خائن ولا خائنة ، ولا ذي غمر (٣) على أخيه ولا ظنين (٤) في ولاء ولا قرابة ، ولا القانع مع أهل البيت».
قوله تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما) ، قرأ حمزة (أَنْ تَضِلَ) بكسر الألف ، (فَتُذَكِّرَ) برفع الراء ، ومعناه الجزاء والابتداء ، وموضع (تَضِلَ) جزم بالجزاء ، إلّا أنه لا نسق بالتضعيف (فَتُذَكِّرَ) رفع ، لأن ما بعد فاء الجزاء مبتدأ ، وقراءة العامة بفتح الألف ونصب الراء على الاتّصال بالكلام الأوّل ، و (تَضِلَ) محلّه نصب بأن (فَتُذَكِّرَ) منسوق عليه ، ومعنى الآية : فرجل وامرأتان كي تذكر (إِحْداهُمَا الْأُخْرى) ، ومعنى «تضل» تنسى ، يريد إذا نسيت إحداهما شهادتها تذكرها الأخرى ، فتقول : ألسنا حضرنا مجلس كذا وسمعنا كذا؟ قرأ ابن كثير وأهل البصرة (فَتُذَكِّرَ) مخفّفا ، وقرأ الباقون مشددا «وذكر» و «اذكر» بمعنى واحد ، وهما متعدّيان ، من الذكر الذي هو ضدّ النسيان ، وحكي عن سفيان بن عيينة أنه قال : هو من الذّكر أي : تجعل إحداهما الأخرى ذكرا ، أي : تصير شهادتهما كشهادة ذكر ، والأول أصح لأنه معطوف على النسيان. قوله تعالى : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا) ، قيل : أراد به إذا ما دعوا لتحمّل الشهادة ، سمّاهم شهداء على معنى أنهم يكونون شهداء ، وهو أمر إيجاب عند بعضهم ، وقال قوم : تجب الإجابة إذا لم يكن غيرهم ، فإن وجد غيرهم فهم مخيّرون (٢) ، وهو قول الحسن ، وقال قوم : هو أمر ندب وهو مخيّر في جميع الأحوال ، وقال بعضهم : هذا في إقامة الشهادة وأدائها ، فمعنى الآية : ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا لأداء الشهادة التي تحمّلوها ، وهو قول مجاهد وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير ، وقال الشعبي : الشاهد بالخيار ما لم يشهد ، وقال الحسن : الآية في الأمرين جميعا في التحمّل والإقامة إذا كان فازعا (وَلا تَسْئَمُوا) ، أي : ولا تملّوا (أَنْ تَكْتُبُوهُ) ، الهاء راجعة إلى الحق ، (صَغِيراً) ، كان الحق ، (أَوْ كَبِيراً) ، قليلا كان أو كثيرا ، (إِلى أَجَلِهِ) ، إلى محل الحق ، (ذلِكُمْ) ، أي : الكتاب ، (أَقْسَطُ) : أعدل (عِنْدَ اللهِ) ، لأنه أمر به ، واتّباع أمره أعدل من تركه ، (وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ) ، لأن الكتابة تذكّر الشهود ، (وَأَدْنى) : وأحرى وأقرب إلى (٣) ، (أَلَّا تَرْتابُوا) : تشكّوا في الشهادة ، (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً) ، قرأها عاصم بالنصب على خبر كان وأضمر الاسم مجازا (٤) إلا أن تكون التجارة تجارة أو المبايعة تجارة ، وقرأ (١) الباقون بالرفع ، وله
__________________
من هذا شيء عن النبي صلىاللهعليهوسلم ا ه.
ـ وورد موقوفا على عمر في كتابه إلى أبي موسى وفيه : «... المسلمون عدول ، بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد ، أو مجربا في شهادة زور ، أو ظنينا في ولاء أو قربة ...».
أخرجه البيهقي ١٠ / ١٥٥ وقال : وهذا إنما أراد به قبل أن يتوب ، فقد روينا عنه أنه قال لأبي بكرة رحمهالله : تب تقبل شهادتك ، وهذا المراد بما عسى يصح فيه من الأخبار.
(١) وقع في الأصل «القطان» والتصويب من «شرح السنة» و «الأنساب» للسمعاني.
(٢) في الأصل «الملكي» والتصويب من كتب التراجم.
(٣) الغمر : الحقد.
(٤) الظنين : المتهم.
__________________
(١) في المطبوع «الحيرة».
(٢) في المخطوط هذه اللفظة وما قبلها بصيغة الإفراد.
(٣) لفظ «إلى» ليس في المخطوط.
(٤) في نسخة ـ ط «مجازه».