«فى الفور والتراخى»
«المبحث التاسع الحق انه لا دلالة للصيغة لا على الفور ولا على التراخى ، نعم قضية اطلاقها جواز التراخى والدليل عليه تبادر طلب ايجاد الطبيعة منها بلا دلالة على تقييدها بأحدهما ، فلا بد فى التقييد من دلالة اخرى.»
بل ربما تكون مقدمات الحكمة هنا اولى بالدلالة على الاطلاق من المسألة السابقة ، لما عرفت آنفا من وجود المانع المزاحم للاطلاق فى جانب المادة ، بجريان المقدمات فى جانب الطلب ايضا ، وانما رفعنا اليد عنها فى جانب الطلب بواسطة ارتكازية الذهن من مانعية العسر والحرج عن توجه التكليف الالزامى نحو الافعال ، فكان ذلك مانعا عن فهم الاطلاق فى جانب الطلب ، ومثل هذا لا ينافى فى المقام ، لعدم اقتضاء مقدمات الحكمة هنا جريانها فى جانب الطلب ، فلا مقتضى من طرف الطلب للدلالة على الفورية ولا على التراخى ، فيبقى اطلاق المادة بحاله من اقتضائه التوسعة فى مقام الامتثال فورا او تراخيا ، وهذا هو عمدة الوجه فى القول المختار من ان الصيغة بنفسها لا تدل على فور ولا تراخ.
وقد يستدل للمختار بوجه آخر لا يخلو عن ضعف وحاصله ان الامر لو دل على الفورية ، لكان فيه دلالة على الزمان الحالى وقد تقرر فى باب المشتق تجرد الصيغ المشتقة عن الدلالة على الزمان.
ويضعفه ان الفورية عبارة اخرى عن المسارعة والتعجيل وهو غير الزمان الحالى بحسب الوجود وفرق بين كون ذلك معنى للفورية وبين كونه ملازما لها.